تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٢٣٥
السابق
أو كثير الستر للحق، وفي الجملة إشعار بل دلالة على أن الحكم يوم القيامة على المشركين لا لهم وأنهم مسيرون إلى العذاب، والمراد بالهداية الايصال إلى حسن العاقبة.
قوله تعالى: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار " احتجاج على نفي قولهم: إن الله اتخذ ولدا، وقول بعضهم: الملائكة بنات الله. والقول بالولد دائر بين عامة الوثنية على اختلاف مذاهبهم وقد قالت النصارى:
المسيح ابن الله، وقالت اليهود على ما حكاه القرآن عنهم: عزير ابن الله وكأنها بنوة تشريفية.
والبنوة كيفما كانت تقتضي شركة ما بين الابن والأب والولد والوالد فإن كانت بنوة حقيقية وهي اشتقاق شئ من شئ وانفصاله منه اقتضت الشركة في حقيقة الذات والخواص والآثار المنبعثة من الذات كبنوة إنسان لانسان المقتضية لشركة الابن لأبيه في الانسانية ولوازمها، وإن كانت بنوة اعتبارية كالبنوة الاجتماعية وهو التبني اقتضت الاشتراك في الشؤنات الخاصة بالأب كالسؤدد والملك والشرف والتقدم والوراثة وبعض أحكام النسب، والحجة المسوقة في الآية تدل على استحالة اتخاذ الولد عليه تعالى بكلا المعنيين.
فقوله: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا " شرط صدر بلو الدال على الامتناع للامتناع، وقوله: " لاصطفى مما يخلق ما يشاء " أي لاختار لذلك مما يخلق ما يتعلق به مشيئته على ما يفيده السياق وكونه مما يخلق لكون ما عداه سبحانه خلقا له.
وقوله: " سبحانه " تنزيه له سبحانه، وقوله: " هو الله الواحد القهار " بيان لاستحالة الشرط وهو إرادة اتخاذ الولد ليترتب عليه استحالة الجزاء وهو اصطفاء ما يشاء مما يخلق وذلك لأنه سبحانه واحد في ذاته المتعالية لا يشاركه فيها شئ ولا يماثله فيها أحد لأدلة التوحيد، وواحد في صفاته الذاتية التي هي عين ذاته كالحياة والعلم والقدرة، وواحد في شؤونه التي هي من لوازم ذاته كالخلق والملك والعزة والكبرياء لا يشاركه فيها أحد.
وهو سبحانه قهار يقهر كل شئ بذاته وصفاته فلا يستقل قبال ذاته ووجوده شئ في ذاته ووجوده ولا يستغني عنه شئ في صفاته وآثار وجوده فالكل أذلاء داخرون بالنسبة إليه مملوكون له فقراء إليه.
(٢٣٥)
التالي
الاولى ١
٤٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 4
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 11
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 37
4 سورة يس 60
5 سورة الصافات 118
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 123
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 158
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 158
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 158
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 164
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 164
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 166
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 168
14 سورة ص 179
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 200
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 200
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 200
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 200
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 211
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 211
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 211
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 211
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 215
24 سورة الزمر 229
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 239
26 سورة المؤمن 300
27 سورة حم السجدة 356
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 368
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 380
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 381