تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ١٦٣
السابق
اختار الطاعة على المعصية وانتزع إلى الاسلام والعبودية كانت طاعته أفضل من طاعة الملائكة المفطورين على الطاعة المجبولين على ترك المعصية فهو أكثر قربا وزلفى وأعظم ثوابا وأجرا.
وهذا مبني على أصل عقلائي معتبر في المجتمع الانساني وهو أن الطاعة التي هي امتثال الخطاب المولوي من أمر ونهى ولها الفضل والشرف على المعصية وبها يستحق الأجر والثواب لو استحق إنما يترتب عليها أثرها إذا كان الانسان المتوجة إليه الخطاب في موقف يجوز له فيه الفعل والترك متساوي النسبة إلى الجانبين، وكلما كان أقرب إلى المعصية منه إلى الطاعة قوي الأثر والعكس بالعكس فليس يستوى في امتثال النهى عن الزنا مثلا العنين والشيخ الهرم ومن يصعب عليه تحصيل مقدماته والشاب القوي البنية الذي ارتفع عنه غالب موانعه من لا مانع له عنه أصلا إلا تقوى الله فبعض هذه التروك لا يعد طاعة وبعضها طاعة وبعضها أفضل الطاعة على هذا القياس.
ولما كانت الملائكة لا سبيل لهم إلى المعصية لفقدهم غرائز الشهوة والغضب ونزاهتهم عن هوى النفس كان امتثالهم للخطابات المولوية الإلهية أشبه بامتثال العنين والشيخ الهرم لنهي الزنا وكان الفضل للانسان في طاعته عليهم.
وفيه أنه لو تم ذلك لم يكن لطاعة الملائكة فضل أصلا إذ لا سبيل لهم إلى المعصية ولا لهم مقام استواء النسبة ولم يكن لهم شرف ذاتي وقيمة جوهرية إذ لا شرف على هذا إلا بالطاعة التي تقابلها معصية وتسميه المطاوعة الذاتية التي لا تتخلف عن الذات طاعة مجاز، ولو كان كذلك لم يكن لقربهم من ربهم موجب ولا لاعمالهم منزلة.
لكن الله سبحانه أقامهم مقام القرب والزلفى وأسكنهم في حظائر القدس ومنازل الانس، وجعلهم خزان سره وحملة أمره ووسائط بينه وبين خلقه وهل هذا كله لإرادة منه جزافية من غير صلاحية منهم واستحقاق من ذواتهم؟
وقد أثنى الله عليهم أجزل الثناء إذ قال فيهم: " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " الأنبياء: 27 وقال: " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " التحريم 6 فوصف ذواتهم بالاكرام من غير تقييده بقيد ومدح طاعتهم واستنكافهم عن المعصية.
(١٦٣)
التالي
الاولى ١
٤٠٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 4
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 71
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 71
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 71
5 3 - الروايات 72
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 73
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 159
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 186
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 193
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 193
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 193
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 229
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 231
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 232
15 سورة الكهف 234
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 289
17 (9 - 26) 1 - الروايات 289
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 291
19 3 - القصة عند غير المسلمين 293
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 294
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 349
22 قصة موسى والخضر في القرآن 349
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 377
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 377
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 378
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 380
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 395