تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٢١٤
السابق
ثم بين خطأهم في معتقدهم بقوله: (الله أعلم بما في نفوسهم) أي إن أعينكم إنما تزدريهم وتستحقرهم وتستهين أمرهم لما تحس ظاهر ضعفهم وهوانهم، وليس هو الملاك في إحراز الخير ونيل الكرامة بل الملاك في ذلك وخاصة الكرامات والمثوبات الإلهية أمر النفس وتحليها بحلي الفضيلة والمنقبة المعنوية، ولا طريق لي ولا لكم إلى العلم ببواطن النفوس وخبايا القلوب إلا لله سبحانه فليس لي ولا لكم أن نحكم بحرمانهم من الخير والسعادة.
ثم بين بقوله: (إني إذا لمن الظالمين) السبب في تحاشيه عن هذا القول ومعناه أنه قول بغير علم، وتحريم الخير على من يمكن أن يستحقه جزافا من غير دليل ظلم لا ينبغي أن يرومه الانسان فيدخل بذلك في زمرة الظالمين.
وهذا المعنى هو الذي يشير تعالى إليه فيما يحكيه من كلام أهل الأعراف يوم القيامة خطابا لهؤلاء الطاغين إذ يقول: (ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة) الأعراف: 49.
وفي الكلام أعني قول نوح عليه السلام: (ولا أقول للذين تزدري أعينكم) الخ، تعريض لهم أنهم كما كانوا يحرمون على ضعفاء المجتمع المزايا الحيوية الاجتماعية كذلك كانوا يحرمون عليهم الكرامة الدينية ويقولون: إنهم لا يسعدون بدين وإنما يسعد به أشراف المجتمع وأقوياؤهم، وفيه أيضا تعريض بأنهم ظالمون.
وإنما عقب نوح عليه السلام قوله: (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك) وهو ينفى فيه جهات الامتياز التي كانوا يتوقعونها في الرسول عن نفسه، بقوله: (ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا) الخ، مع أنه راجع إلى الضعفاء الذين آمنوا به من قومه لان الملا ألحقوهم به في قولهم:
(وما نرى لكم علينا من فضل).
وتوضيحه أن معنى قولهم هذا أن اتباعنا لك ولمن آمن بك من هؤلاء الأراذل إنما يستقيم لفضل يتم لكم علينا ولا نرى لكم علينا من فضل أما أنت فليس معك ما يختص به الرسول من قدرة ملكوتية أو علم بالغيب أو أن تكون
(٢١٤)
التالي
الاولى ١
٣٨٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 4
2 سورة هود 133
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 209
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 246
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 246
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 247
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 247
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 248
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 249
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 249
11 قصة ابن نوح الغريق 249
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 250
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 251
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 256
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 258
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 263
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 265
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 266
19 3 - انبساط البحار واتساعها 267
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 268
21 5 - نتيجة البحث 269
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 269
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 270
24 8 - شبهة وجوابها 270
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 271
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 273
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 274
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 276
29 5 - الوثنية الصابئة 277
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 278
31 7 - الوثنية البوذية 282
32 8 - وثنية العرب 284
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 286
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 289
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 289
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 289
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 292
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 293
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 294
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 306
41 1 - عاد قوم هود 306
42 2 - شخصية هود المعنوية 307
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 316
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 316
45 3 - شخصية صالح 317
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 331
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 351
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 351
49 2 - عاقبة أمرهم 352
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 353
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 369
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 376
53 1 - قصته عليه السلام 376
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 377