تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٢٣١
السابق
فقضاء الامر كما يقال على جعل الحكم واصداره كذلك يقال على امضائه وانفاذه وتحقيقه في الخارج، غير أن القضاء الإلهي والحكم الربوبي الذي هو عين الوجود الخارجي جعله وانفاذه واحد، وانما الاختلاف بحسب التعبير.
وقوله: (واستوت على الجودي) أي استقرت السفينة على الجبل أو على جبل الجودي المعهود، وهو اخبار عن اختتام ما كان يلقاه نوح ومن معه من أمر الطوفان.
و قوله: (وقيل بعدا للقوم الظالمين) أي قال الله عز اسمه: بعدا للقوم الظالمين أي ليبعدوا بعدا فأبعدهم بذلك من رحمته وطردهم عن دار كرامته، والكلام في ترك ذكر فاعل (قيل) ههنا كالكلام فيه في (قيل) السابق.
والامر أيضا في قوله: (بعدا للقوم الظالمين) كالأمرين السابقين: (يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي) تكويني فهو عين ما أنفذه الله فيهم من الغرق المؤدى إلى خزيهم في الدنيا وخسرانهم في الآخرة، وان كان من وجه آخر من جنس الامر التشريعي لتفرعه على مخالفتهم الامر الإلهي بالايمان والعمل، وكونه جزاء لهم على استكبارهم واستعلائهم على الله عز وجل.
وللصفح عن ذكر الفواعل في قوله: (وقيل يا أرض) الخ، وقوله: (وقضى الامر) وقوله: (وقيل بعدا) الخ، في الآية وجه آخر مشترك وهو أن هذه الأمور العظيمة الهائلة المدهشة لن يقدر عليها إلا الواحد القاهر الذي لا شريك له في أمره فلا يذهب الوهم إلى غيره لو لم يذكر على فعله فما هو إلا فعله ذكر أم لم يذكر.
ولمثل هذه النكتة حذف فاعل (غيض الماء) وهو الأرض، وفاعل (استوت على الجودي) وهو السفينة، ولم يعين القوم الظالمون بأنهم قوم نوح، ولا الناجون بأنهم نوح عليه السلام ومن معه في السفينة فإن الآية بلغت في بلاغتها العجيبة من حيث سياق القصة مبلغا ليس فيه الا سماء تنزل أمطارها، وارض انفجرت بعيونها وانغمرت بالماء وسفينة تجرى في امواجه، وامر مقضى، وقوم ظالمون هم قوم نوح وامر الهى بوعد القوم بالهلاك فلو غيض الماء فإنما تغيضه الأرض، ولو استقر شئ واستوى فإنما هي السفينة تستقر على الأرض كما أنه لو قيل: يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي
(٢٣١)
التالي
الاولى ١
٣٨٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 4
2 سورة هود 133
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 209
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 246
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 246
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 247
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 247
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 248
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 249
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 249
11 قصة ابن نوح الغريق 249
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 250
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 251
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 256
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 258
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 263
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 265
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 266
19 3 - انبساط البحار واتساعها 267
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 268
21 5 - نتيجة البحث 269
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 269
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 270
24 8 - شبهة وجوابها 270
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 271
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 273
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 274
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 276
29 5 - الوثنية الصابئة 277
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 278
31 7 - الوثنية البوذية 282
32 8 - وثنية العرب 284
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 286
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 289
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 289
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 289
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 292
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 293
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 294
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 306
41 1 - عاد قوم هود 306
42 2 - شخصية هود المعنوية 307
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 316
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 316
45 3 - شخصية صالح 317
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 331
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 351
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 351
49 2 - عاقبة أمرهم 352
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 353
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 369
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 376
53 1 - قصته عليه السلام 376
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 377