تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٩٩
السابق
وهذا المعنى بعينه هو الموجب لامتناعه عن نظر العيون فإنها آلات مركبة مبنية على الحدود لا تعمل إلا في المحدود، وجلت ساحة رب العزة عن الحد.
وقوله عليه السلام: " لا يجرى عليه السكون والحركة " (الخ)، بمنزلة العود إلى أول الكلام ببيان آخر يبين به أن هذه الأفعال والحوادث التي هي تنتهى إلى الحركة والسكون لا تجرى عليه، ولا تعود فيه ولا تحدث فإنها آثاره التي تترتب على تأثيره في غيره، ومعنى تأثير المؤثر توجيهه أثره المتفرع على نفسه إلى غيره، ولا معنى لتأثير الشئ في نفسه إلا بنوع من التجزى والتركيب العارض لذاته كالانسان مثلا يدبر بنفسه بدنه، ويضرب بيده على رأسه، والطبيب يداوى بطبه مرضه فكل ذلك إنما يصح لاختلاف في الاجزاء أو الحيثيات، ولولا ذلك لامتنع وقوع التأثير.
فالقوة الباصرة مثلا لا تبصر نفسها، والنار لا تحرق ذاتها، وهكذا جميع الفواعل لا تفعل إلا في غيرها إلا مع التركيب والتجزئة كما عرفت، وهذا معنى قوله:
" إذا لتفاوتت ذاته، ولتجزأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه " (الخ).
وقوله عليه السلام: " وإذا لقامت آية المصنوع فيه، ولتحول دليلا بعد أن كان مدلولا عليه " أي إذا لزمه النقص من تطرق هذه الحدود والاقدار عليه، والنقص من علائم المصنوعية وامارات الامكان كان (تعالى وتقدس) مقارنا لما يدل على كونه مصنوعا وكان نفسه كسائر المصنوعات دليلا على موجود آخر أزلي كامل الوجود غير محدود الذات هو الاله المنزه عن كل نقص مفروض، المتعالى عن أن تناله أيدي الحدود والاقدار.
واعلم أن ما يدل عليه قوله - من كون الدلالة هي من شؤون المصنوع الممكن - لا ينافي ما يستفاد من سائر كلامه وكلام سائر أئمة أهل البيت عليهم السلام: أنه تعالى معلوم بنفس ذاته، وغيره معلوم به، وأنه دال على ذاته، وهو الدليل على مخلوقاته فإن العلم غير العلم والدلالة غير الدلالة، وأرجو أن يوفقني الله تعالى لايضاحه وبسط الكلام فيه في بعض ما يرتبط به من الأبحاث الآتية إن شاء الله العزيز.
وفي التوحيد بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له " ذعلب " ذرب اللسان، بليغ في
(٩٩)
التالي
الاولى ١
٣٧٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 4
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 85
3 (68 - 86) أيضا فيه 90
4 (68 - 86) أيضا فيه 102
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 177
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 202
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 203
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 207
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 255
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 255
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 256
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 256
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 257
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 259
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 263
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 294
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 296
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 301
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 337
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 338
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 340
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 342
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 342
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 345
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 345
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 346
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 347
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 349
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 351
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 357
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 357
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 360
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 360
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 362
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 371
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 373
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 375