تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٧٥
السابق
يملك ما ملكه الله، ويقوى على ما قواه الله سبحانه.
فقد تبين بهذا البيان: اولا: أن الحجة التي تشتمل عليها هذه الآية غير الحجة التي تشتمل عليها الآية السابقة وإن توقفتا معا على مقدمة مشتركة، وهى كون المسيح وامه ممكنين محتاجين، فالآية السابقة حجتها أن المسيح وامه كانا بشرين محتاجين عبدين مطيعين لله سبحانه، ومن كان حاله هذا الحال لم يصح أن يكون إلها معبودا، وحجة هذه الآية: أن المسيح ممكن محتاج مملوك بنفسه لا يملك ضرا ولا نفعا، ومن كان حاله هذا الحال لم يستقم الوهيته وعبادته من دون الله.
وثانيا: أن الحجة مأخوذة مما يدركه الفهم البسيط والعقل الساذج من جهة غرض الانسان البسيط في عبادته فإنه إنما يتخذ ربا ويعبده ليدفع عنه الضر ويجلب إليه النفع، وهذا إنما يملكه الله تعالى دون غيره، فلا غرض يتعلق بعبادة غير الله فمن الواجب أن يرفض عبادته.
وثالثا: أن قوله: " ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا " إنما أخذت فيه لفظة " ما " دون لفظة " من " مع أن المسيح من أولى العقل لان الحجة بعينها هي التي تقام على الوثنيين وعبدة الأصنام التي لا شعور لها، ولا دخل في كون المسيح عليه السلام من أولى العقل في تمام الحجة فهى تامة في كل معبود مفروض دون الله سبحانه.
على أن غيره تعالى وإن كان من أولى العقل والشعور لا يملكون شيئا من العقل والشعور من عند أنفسهم كسائر ما ينسب إليهم من شؤون وجودهم، قال تعالى: " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين، ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون " (الأعراف: 195).
وكذلك تقديم الضر على النفع في قوله: " ضرا ولا نفعا " للجرى على وفق ما تدركه وتدعوا إليه الفطرة الساذجة كما مر، فإن الانسان بحسب الطبع يرى ما تلبس به من النعم الموجودة عنده ما دامت عنده مملوكة لنفسه لا تلتفت نفسه إلى إمكان فقدها ولا تتصور ألمه عند فقدها بخلاف المضار التي يجدها بالفعل، والنعم التي يفتقدها ويجد ألم فقدها، فإن الفطرة تنبهها إلى الالتجاء إلى رب يدفع عنها الضر والضير، ويجلب
(٧٥)
التالي
الاولى ١
٣٧٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 4
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 85
3 (68 - 86) أيضا فيه 90
4 (68 - 86) أيضا فيه 102
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 177
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 202
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 203
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 207
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 255
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 255
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 256
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 256
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 257
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 259
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 263
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 294
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 296
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 301
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 337
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 338
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 340
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 342
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 342
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 345
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 345
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 346
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 347
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 349
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 351
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 357
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 357
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 360
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 360
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 362
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 371
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 373
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 375