تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٥ - الصفحة ٢٥١
السابق
ومن لم يثبت على سعادة أو شقاوة ولم يركب طريق السعادة اللازمة بعد إذا نزلت به النوازل ودارت عليه الدوائر عقبت تعين طريقه وتميز موقفه من كفر أو إيمان، وصلاح أو طلاح، ولا ينبغي أن يسمى هذا النوع من البلايا والمحن إلا امتحانات وابتلاءات إلهية تخد للانسان خده إلى الجنة أو إلى النار.
ومن لم يعتمد في حياته إلا على هوى النفس ولم يألف إلا الفساد والافساد والانغمار في لجج الشهوة والغضب، ولم يزل يختار الرذيلة على الفضيلة، والاستعلاء على الله على الخضوع للحق كما يقصه القرآن من عاقبة أمر الأمم الظالمة كقوم نوح وعاد وثمود وقوم فرعون وأصحاب مدين وقوم لوط، إثر ما فرطوا في جنب الله. فالنوائب المنصبة عليهم المبيدة لجمعهم لا يستقيم إلا أن تعد تعذيبات إلهية ونكالات ووبالات عليهم لا غير.
وقد جمع الله تعالى هذه المعاني في قوله عز من قائل: " وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين " (آل عمران: 141).
وتاريخ اليهود من لدن بعثة موسى عليه السلام إلى أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم - فيما يزيد على ألفى سنة - وكذا تاريخ النصارى من لدن رفع المسيح إلى ظهور الاسلام - فيما يقرب من ستة قرون على ما يقال - مملوء من أنواع الذنوب التي أذنبوها، وجرائم ارتكبوها، ولم يبقوا منها باقية ثم أصروا واستكبروا من غير ندم، فالنوائب الحالة بساحتهم لا تستحق إلا اسم العذاب والنكال.
وأما أن المسلمين ابتلوا بأمثال ما ابتليت به هؤلاء الأمم فهذه الابتلاءات بالنظر إلى طبيعتها الكونية ليست إلا حوادث ساقتها يد التدبير الإلهي سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، وبالنظر إلى حال المسلمين المبتلين بها فيما كانوا على طريق الحق لم تكن إلا امتحانات إلهية وفيما انحرفوا عنه من قبيل النكال والعذاب، وليس لاحد على الله كرامة ولا لمتحكم عليه حق ولم يثبت القرآن لهم على ربهم كرامة، ولا عدهم أبناء الله وأحباءه، ولا اعتنى بما تسموا به من أسماء أو ألقاب.
قال تعالى مخاطبا لهم: " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين - إلى أن قال - وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن
(٢٥١)
التالي
الاولى ١
٤٠١ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة النساء 4
2 (77 - 80) كلام في استناد الحسنات والسيئات إليه تعالى. (بحث قرآني) 8
3 (85 - 91) في معنى التحية. (بحث قرآني) 30
4 (95 - 100) في المستضعف. (بحث قرآني) 50
5 (105 - 126) في معنى العصمة. (بحث قرآني) 77
6 سورة المائدة 155
7 (1 - 3) في معنى العقد. (بحث قرآني) 157
8 بحث علمي في فصول ثلاثة: (1 - 3) 1 - العقائد في اكل اللحم. (بحث علمي) 182
9 (1 - 3) 2 - كيف امر بقتل الحيوان والرحمة تأباه؟ (بحث علمي) 183
10 (1 - 3) 3 - لماذا بني الاسلام على التذكية؟ (بحث علمي) 186
11 (15 - 19) كلام في طريق التفكر الذي يهدي إليه القرآن (بحث مختلط قرآني وروائي) 253
12 (15 - 19) في تاريخ التفكر الاسلامي اجمالا. (بحث تاريخي) 270
13 (27 - 32) كلام في معنى الاحساس والتفكير. (بحث قرآني) 307
14 (27 - 32) في تطبيق قصة ابني آدم على ما في التوراة. (بحث علمي) 322
15 (41 - 50) كلام في معنى الشريعة والفرق بينها وبين الدين والملة في عرف القرآن. (بحث قرآني) 349
16 (51 - 54) كلام في معنى مرض القلب. (بحث قرآني) 376
17 (51 - 54) كلام في كليات حوادث آخر الزمان. (بحث قرآني وروائي) 389