تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٠٩
السابق
الله لكم، ولا تحللوا ما حرم الله عليكم.
فكل من المعنيين وإن كان في نفسه صحيحا يدل عليه الكتاب بما لا غبار عليه لكن شيئا منهما لا ينطبق على الآية بظاهر سياقها وسياق ما يتلوها من الآية اللاحقة فما كل معنى صحيح يمكن تحميله على كل لفظ كيفما سيق وأينما وقع.
قوله تعالى: " وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا " إلى آخر الآية، ظاهر العطف أعني انعطاف قوله: " وكلوا " على قوله: " لا تحرموا " أن يكون مفاد هذه الآية بمنزلة التكرار والتأكيد لمضمون الآية السابقة، ويؤيده سياق صدر الآية من حيث اشتماله على قوله: " حلالا طيبا " وهو يحاذي قوله في الآية السابقة: " طيبات ما أحل الله "، وكذا ذيلها من حيث المحاذاة الواقعة بين قوله فيه: " واتقوا الله إن كنتم مؤمنين " وقوله في الآية السابقة: يا أيها الذين آمنوا " وقد مر بيانه.
وعلى هذا فقوله: " كلوا " " الخ "، من قبيل ورود الامر عقيب الحظر، وتخصيص قوله: " كلوا " بعد تعميم قوله: " لا تحرموا طيبات " (الخ)، إما تخصيص بحسب اللفظ فقط، والمراد بالاكل مطلق التصرف، فيما رزقه الله تعالى من طيبات نعمه، سواء كان بالاكل بمعنى التغذي أو بسائر وجوه التصرف، وقد تقدم مرارا أن استعمال الاكل بمعنى مطلق التصرف استعمال شائع ذائع.
وإما أن يكون المراد - ومن الممكن ذلك - الاكل بمعناه الحقيقي، ويكون سبب نزول الآيتين تحريم بعض المؤمنين في زمن النزول المأكولات الطيبة على أنفسهم فتكون الآيتان نازلتين في النهى عن ذلك، وقد عمم النهى في الآية الأولى للاكل وغيره إعطاء للقاعدة الكلية لكون ملاك النهى يعم محللات الاكل وغيرها على حد سواء.
وقوله: " مما رزقكم الله " لازم ما استظهرناه من معنى الآيتين كونه مفعولا لقوله: " كلوا " وقوله: " حلالا طيبا " حالين من الموصول وبذلك تتوافق الآيتان، وربما قيل: إن قوله: " حلالا طيبا " مفعول قوله: " كلوا " وقوله: " مما رزقكم الله " متعلق بقوله: " كلوا " أو حال من الحلال قدم عليه لكونه نكرة أو كون قوله:
" حلالا " وصفا لمصدر محذوف، والتقدير: رزقا حلالا طيبا إلى غير ذلك.
وربما استدل بعضهم بقوله: " حلالا " على أن الرزق يشمل الحلال والحرام
(١٠٩)
التالي
الاولى ١
٣٧٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 4
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 85
3 (68 - 86) أيضا فيه 90
4 (68 - 86) أيضا فيه 102
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 177
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 202
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 203
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 207
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 255
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 255
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 256
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 256
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 257
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 259
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 263
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 294
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 296
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 301
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 337
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 338
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 340
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 342
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 342
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 345
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 345
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 346
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 347
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 349
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 351
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 357
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 357
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 360
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 360
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 362
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 371
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 373
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 375