تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٩٦
السابق
وإنما قدر لهم ذلك ليتخذوها وسيلة إلى الدار الآخرة ويأخذوا من متاع هذه ما يتمتعون به في تلك لا لينظروا إلى ما في الدنيا من زخرفها وزينتها بعين الاستقلال وينسوا بها ما ورائها ويأخذوا الطريق مكان المقصد في عين أنهم سائرون إلى ربهم قال تعالى " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " الكهف - 8.
إلا أن هؤلاء المغفلين أخذوا هذه الوسائل الظاهرة الإلهية التي هي مقدمات وذرائع إلى رضوان الله سبحانه أمورا مستقلة في نفسها محبوبة لذاتها وزعموا أنها تغني عنهم من الله شيئا فصارت نقمة عليهم بعد ما كانت نعمة ووبالا بعد ما كانت مثوبة مقربة قال تعالى " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس إلى أن قال ويوم يحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركائكم فزيلنا بينهم إلى أن قال وردوا إلى الله موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون " يونس - 30 تشير الآيات إلى أن أمر الحياة وزينتها بيده تعالى لا ولي لها دونه لكن الانسان باغتراره بظاهرها يظن أن أمرها إليه وأنه قادر على تدبيرها وتنظيمها فيتخذ لنفسه فيها شركاء - كالأصنام وما بمعناها من المال والولد وغيرهما إن الله سيوقفه على زلته فيذهب هذه الزينة ويزيل الروابط التي بينه وبين شركائه وعند ذلك يضل عن الانسان ما افتراه على الله من شريك في التأثير ويظهر له معنى ما علمه في الدنيا وحقيقته ورد إلى الله موليه الحق.
وهذا التزين أعني ظهور الدنيا للانسان بزينة الاستقلال وجمال الغاية والمقصد لا يستند إلى الله سبحانه فإن الرب العليم الحكيم أمنع ساحة من أن يدبر خلقه بتدبير لا يبلغ به غايته الصالحة وقد قال تعالى " إن الله بالغ أمره " الطلاق - 3 وقال تعالى " والله غالب على أمره " يوسف - 21 بل إن استند فإنما يستند إلى الشيطان قال تعالى " وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون " الانعام - 43 وقال تعالى " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم " الأنفال - 48.
نعم لله سبحانه الاذن في ذلك ليتم أمر الفتنة وتستقيم التربية كما قال تعالى
(٩٦)
التالي
الاولى ١
٣٨٧ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 9
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 30
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 31
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 42
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 43
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 48
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 55
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 62
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 74
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 136
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 143
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 148
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 184
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 227
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 228
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 278
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 280
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 281
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 286
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 290
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 304
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 305
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 307
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 309
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 310
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 314
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 325
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 357
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 357
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 359
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 360
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 360
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 361