السيف الصقيل رد ابن زفيل - السبكي - الصفحة ٥٥
السابق
يعود ووصفته بالسمع والبصر والإرادة والقدرة وكراهة ومحبة وحنان، وأنه يعلم كل ما في الكون، وأنه كلم موسى، والنداء صوت بإجماع النحاة، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم أسرى به (ليلا إليه) فهو منه دانى وأنه يدنيه يوم القيامة حتى يرى قاعدا معه على العرش وأن لعرشه أطيطا (1) وأن الله أبدى بعضه للطور، وأن له وجها وله يمين، بل زعمت يدان، وأن يديه للسبع العلى والأرض (يوم الحشر) قابضتان (2) وأن يمينه ملأى من الخير، وأن العدل في الأخرى وأن الخلق

(1) ويغنينا عن إبداء وجوه التخليط في حديث الأطيط ما ألفه الحافظ ابن عساكر في ذلك، وإبداء بعضه للطور بمعنى إبداء بعض آية على أنه مما أدخل على حماد بن سلمة، تعالى الله سبحانه عن الأبعاض والأجزاء رغم أنف المجسمة. ويأتي الكلام على قبض السماوات.
قبض السماوات والأرض (2) قال البخاري في تفسير قوله تعالى (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) (الزمر: 67) إن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض) ا ه‍. وهذا هو أصل الحديث وهو مروي بأسانيد كثيرة جدا وهو الموافق لكتاب الله سبحانه، واليمين: القدرة كما هو مبسوط في أساس التقديس، وحاشا أن يكون قبض الله من قبيل احتواء الأنامل على شئ، وما زاد على ذلك في الروايات من أنه يأخذ السماوات بيده اليمنى ويأخذ الأرض بشماله.. وحاشا أن يكون له شمال وكلتا يديه يمين - فمن تصرفات الرواة أثناء النقل بالمعنى كما لا يخفى على أهل هذه الصناعة المستحضرين لأحاديث الباب ومبلغ اضطرابها سندا ومتنا.
وأما حديث الحبر اليهودي فيوضع أجزاء الكون على إصبع فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فيه لا يدل على تصديق ذلك وإن ظنه بعض الرواة تصديقا - في بعض الطرق - بل يدل على الانكار والاستهجان. وقد برهن ابن الجوزي في دفع الشبه وابن حجر في الفتح على أن ذلك إنكار لا تصديق رغم توهم ابن خزيمة كونه تصديقا لزيغ مشهور في معتقده، كما سيأتي بيانه، بل نزول قوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة) أي تحت تصرف مالك يوم الدين لا يجرى لأحد سواه حكم في ذلك اليوم (والسماوات مطويات بيمينه) أي بقدرته لا حساب على سكانها بخلاف أهل الأرض فإنهم محاسبون (سبحانه وتعالى عما يشركون) (الزمر: 67) عقب حديث حبر اليهود دليل واضح على الانكار وعلى أن إثباتهم الأصابع الحسية بالوجه السابق إشراك. قال الله تعالى (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا) (فاطر: 41) فمن الذي يظن أن ذلك بالمماسة؟
وكذلك القبض، وإن هذى الشيخ محمد المنبجي الحنبلي تلميذ الناظم في جزء (إثبات المماسة) بما شاء من صنوف الهذيان، وكل ذلك من بلايا ابن تيمية حيث لفق الروايات في هذا الصدد وقال ما شاء أن يقوله في الأجوبة المصرية وذكر ما ورد في بعض طرق الحديث وهو (وقبض كفيه فجعل يقبضهما ويبسطهما) ثم قال: (وهنا شبه القبض والبسط بقبضه وبسطه) ا ه‍. وهذا تشبيه صريح من ابن تيمية (أفمن يخلق كمن لا يخلق) (النحل: 17) ومغالطة مكشوفة، واللفظ المذكور لم يقع إلا في بعض الروايات، والاضطرب في الحديث سندا ومتنا زيادة ونقصا ظاهر جدا لمن اطلع على طرقه بحيث لا يصح الاستدلال به ولا سيما في مثل هذا المطلب وعلى فرض ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض كفيه وبسطهما أثناء الخطبة لم ينسب إليه صلى الله عليه وسلم في حديث أنه قال: هكذا يقبض ويبسط حتى يصح كلام ابن تيمية، بل البسط غير موجود فيما يروى عما يفعله سبحانه عند قيام الساعة حتى يظن به صلى الله عليه وسلم إذا قبض كفيه وبسطهما أنه أراد تشبيههما بقبض الله وبسطه، على أن الخطيب كثيرا ما تصدر منه حركات وإشارات أثناء الخطبة، وحملها على معان لم ينطق هو بها تقويل للخطيب ما لم يقله، ومن الظاهر جدا أن الأرض تحتوي على الأنجاس والأرجاس فكيف يتصور أن يكون قبض الله كقبض أحد من خلقه حقيقة بحيث يستلزم ذلك القبض على الأخباث والأرواث، تعالى الله عن ذلك. وهذا مما لا يتصوره من يخاف مقام ربه ولو كان جاهلا باستحالة الجسمية على الله سبحانه. ولا نتعرض هنا لرواية كاتب الليث في الخبزة ولعل فيما ذكرنا كفاية.
الأصابع في كلام الجبر
(٥٥)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 التعريف بموضوع الكتاب 9
2 مقدمة المعلق 9
3 انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه صلى الله عليه وسلم 9
4 تحين الأعداء الفرص للكيد بالمسلمين 9
5 انخداع سذج الرواة 11
6 فضل علماء أصول الدين في حراسة الدين 11
7 محاولة ابن تيمية بعث الحشوية من مرقدها 12
8 مسايرة ابن القيم لابن تيمية في فتنته 13
9 نماذج من أقوال أصحاب ابن القيم وأضداده والمتحايدين 14
10 أخطر ما يطغى من صنوف الاستغناء 16
11 ردود السبكي على ابن تيمية والكلام في رده على نونية ابن القيم 17
12 مقدمة الكتاب للمؤلف 19
13 الأشعرية اعدل الفرق 21
14 مجامع الزيغ في نونية ابن القيم 26
15 تأسى السبكي بإمام الحرمين في الرد على بعض جهلة أهل الحديث 27
16 مناظرة خيالية بين المشبه والمنزه 29
17 فصل: أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد 32
18 فصل: في قصيدته النونية 32
19 فصل: تخيل الناظم في أفعال العباد 33
20 فصل: استنكار الناظم إعادة المعدوم 37
21 فصل: زعم الناظم قيام الله تعالى بالحوادث 38
22 فصل: عقد مجلس خيالي.. كلامه في وحدة الوجود 42
23 فصل: الفوقية الحسية 48
24 تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكيزخان 49
25 فتاوى في الرد على القائلين بالحرف والصوت 52
26 رد حديث الأوعال 54
27 الأصابع في كلام الجبر 57
28 الكلام على الساق والنزول والمجيء ووضع القدم 59
29 تصوير الناظم أهل الحق أسوأ تصوير 62
30 كذب الناظم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم 63
31 فصل: قال: في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن 65
32 عدم تمييز الناظم بين اللازم والملزوم 68
33 تخبط الناظم في الصوت 68
34 كلام واف في أحاديث الصوت 71
35 فصل: قوله: إنه يلزم من نفى صفة الكلام نفى الرسالة 73
36 فصل: وقيعة الناظم وشيخه في ابن حزم 75
37 الخلاف بين احمد والبخاري رضى الله عنهما في الفظ 77
38 فصل: في مقالة الفلاسفة والقرامطة 78
39 فصل: في الاتحادية 78
40 الرد على عثمان بن سعيد في إثباته الحركة 81
41 الرد على قول الناظم بالإيجاب 82
42 فصل: في تجويز التسلسل في الماضي 83
43 الرد على كلام الناظم في الزمان 84
44 فصل: في الرد على الجهمية 86
45 فصل: نصوص ابن تيمية في الفوقية الحسية 90
46 قول أبى حيان في ابن تيمية 92
47 صيغة استتابة ابن تيمية في الاستواء والصوت وخطوط كبار العلاء 92
48 فصل: كلمة ابن تيمية في العلو والفوقية والرد عليه 97
49 فصل: حديث النزول 99
50 فصل: الإشارة إلى رفع الأيدي إلى السماء 101
51 فصل: دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة 102
52 فصل: بسط الكلام في السؤال ب‍ " أين " في حديث الجارية 103
53 توهين سند حديث أبى رزين 106
54 تفنيد زعم الإجماع على الفوقية الحسية 108
55 مخالفات ابن تيمية 110
56 رد المصنف على الناظم في الفوقية 115
57 روايات الضراب عن مالك في النزول 115
58 قول اليافعي في الحشوية 117
59 أحد المراسيم الصادرة في حق ابن تيمية 119
60 نص الإمام أحمد في المجئ 122
61 معنى كتب ربكم على نفسه بيده 124
62 سخف عثمان بن سعيد في التمسك بحديث حصين في الفوقية 126
63 الشعر المنسوب إلى ابن رواحة رضى الله عنه 128
64 حديث بنى قريظة 129
65 حدث جابر رضى الله عنه 130
66 فصل: ممتع في التأول 133
67 القول بالتجلي في الصور 136
68 تبديع الفلاسفة وإكفارهم 137
69 القول بتجرد الروح 139
70 نص من ابن تيمية في الحد والجسم 140
71 قول السلف في العين واليد 144
72 خداع الناظم وشيخه 144
73 معنى القبضة عند الخلف 145
74 المعطل في الأصل من ينفى الصانع 146
75 فصل: في عهود المثبتين مع الله رب العالمين 152
76 فصل: افتراؤهم المثلث على الأشعرية 152
77 فصل: في حياة الأنبياء 154
78 فتيا الأئمة في إنكاره شد الرحل لزيارته صلى الله عليه وسلم 154
79 فصل: في الهدنة بين المعطلة والاتحادية حزب جنكسخان 161
80 فصل: في مصارع المعطلة باسنة الموحدين 161
81 كلمة صاحب الدرة المضيئة في ابن تيمية 162
82 فصل: في كسر الطاغوت الذي نوا به الصفات 164
83 فصل: في مبدأ العداوة بين الموحدين والمعطلين 165
84 فصل: في أن التعطيل أساس الزندقة 165
85 فصل: في بهت أهل الشرك والتعطيل 166
86 عظم شأن الفخر الرازي في الرد على الحشوية 167
87 ناحت العجل 168
88 الكلام النفسي 169
89 قول ابن القيم في تلازم التعطيل والشرك 170
90 فصل: في مثل المشرك والمعطل 171
91 فصل: في أسبق الناس دخولا إلى الجنة 173
92 فصل: في عدد الجنات 174
93 فصل: في يوم المزيد 175
94 خاتمة السيف الصقيل 176
95 نص الرسالة بالحروف العادية 178
96 لماذا يقال للناظم ابن القيم 180
97 خاتمة تكملة الرد 180