السيف الصقيل رد ابن زفيل - السبكي - الصفحة ١٠٩
السابق
ذهن هذا الرجل لأنه مشاء على بدعه لا يقبل غيرها؟ وأما حديث أبي رزين (1)

(١) وأما حديث أبي رزين ففي سنده حماد بن سلمة مختلط، وكان يدخل في حديثه ربيباه ما شاءا وليس في استطاعة ابن عدي ولا غيره إبعاد هذه الوصمة عنه، ويعلى بن عطاء تفرد به عن وكيع بن حدس أو عدس، وهو مجهول الصفة، وهو تفرد عن أبي رزين، ولا شأن للمنفردات والوحدان في إثبات الصفات فضلا عن المجاهيل وعمن به اختلاط، فليتق الله من يحاول أن يثبت به صفة لله. وقد سئم أهل العلم من كثرة ما يرد بطريق حماد بن سلمة من الروايات الساقطة في صفات الله سبحانه، وقد روى أبو بشر الدولابي الحافظ عن ابن شجاع عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: (كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث حتى خرج خرجة إلى عبدان فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانا خرج إليه في البحر فألقاها إليه ا ه‍).
وماذا يجدي تحمس ابن عدي في الدفاع عنه والرد على محمد بن شجاع الإمام افتراء منه عليه؟ وابن شجاع هذا مات في صلاة العصر وهو ساجد ولا مغمز في علمه وثقته وورعه إلا أنه كان يقف في القرآن ولا يقول إنه مخلوق أو غير مخلوق لعدم ورود هذا وذاك نصا في الكتاب والسنة، وألف كتابا في الرد على المشبهة وهذا ذنب لا يغتفر عندهم. وإنما يدل هذا التحمس على خبيئ لابن عدي الذي لم يتعلم من العربية ما يقوم به لسانه ويصونه من اللحون الفاضحة، وأنى لمثله أن يقوم فكره حتى يتخذ قدوة؟ وكان ابن شجاع يحذر الرواة من الأخذ بروايات تالفة أدخلها الوضاعون على بعض شيوخ الرواية فيرد عليه عثمان بن سعيد الدارمي المجسم قائلا كيف يجد الوضاعون سبيلا إلى الادخال على شيوخ في الرواية؟ وابن عدي يعكس الأمر ويجعل الذي يدخل عليهم هو ابن شجاع بدون أي دليل وبدون سوق أي سند كما هو شأن المتقولين وله مع ثقات الرواة وأئمة الأمة في الفقه الذين تكلم فيهم موقف في يوم القيامة، لا يغبط عليه، والعقيلي على تعنته لم يذكره في كتابه - وحديث إجراء الخيل كان ذائعا بين شيوخ الرواية من الحشوية حتى يشكو من ذلك ابن قتيبة مر الشكوى في (الاختلاف في اللفظ) وهو معاصر لابن شجاع، وكذلك خرجه أبو علي الأهوازي بسنده بطريق حماد بن سلمة. وقول الحاكم (أنبأنا إسماعيل بن محمد الشعراني أنه قال: بلغت عن محمد بن شجاع عن حبان بن هلال عن حماد بن سلمة) لا يمكن اتخاذه حجة في كون هذا الخبر مرويا عن حماد بن سلمة بطريق ابن شجاع منفردا به لأن بين الشعراني وبين ابن شجاع نحو مائة سنة فلا يقل الساقط من الرجال من بينهم عن نحو ثلاثة، هكذا يفضح الله من يتطاول على الأئمة. راجع ما علقناه على تبيين كذب المفتري في (ص ٣٦٩) ومن اطلع على كتاب (نقض عثمان بن سعيد على الجهمي العنيد) الجاري طبعه يعرف سبب مقت الحشوية لهذا الإمام الجليل، بل يكفي في معرفة حال حماد ابن سلمة الاطلاع على كتب الموضوعات المبسوطة، في باب التوحيد منها خاصة فيرى فيها القارئ أخبارا تالفة رويت بطريقه بكثرة بل ما سرده ابن عدي نفسه في الكامل في ترجمة حماد هذا من الأحاديث التالفة المروية بطريقه كاف في معرفة سقوط ما يروى بطريقه في الصفات بل سقوط ابن عدي المتحمس دونه.
منها روايته عن قتادة عن عكرمة... أن محمدا رأى ربه في صورة شاب أمرد...) وفي لفظ (... جعدا أمرد عليه حلة خضراء...) إلى عير ذلك من الألفاظ الفاضحة، وقد روى ابن عساكر بطريق أبي القاسم السمرقندي عن قتادة (الأعمى): إني ما حفظت عن عكرمة إلا بيت شعر، وهذا دليل على أنه لم يرض روايته الحديث، وأما ما يروى عن أحمد من سماع قتادة عن عكرمة عدة أحاديث فلا يثبت عن أحمد لأنه بطريق رواة من المجسمة القائلين بإقعاد الله رسوله صلى الله عليه وسلم في جنبه على العرش، تعالى الله عن ذلك، وقد توسع الفخر بن المعلم القرشي في رد ما يروى عن عكرمة في هذا الصدد ثم قال (فمعاذ الله أن يرى ربه على صورة أصلا فكيف على صورة قد ذكر مثلها أو أكثرها عن المسيح الدجال) ا. ه‍.
فمن التهور البالغ قول ابن صدقة (من لم يؤمن بحديث عكرمة فهو زنديق) بل من يقول به هو الزنديق، ويأسف الرد أن يرى بعض تلك الرايات التالفة مدونا في كتاب (أخبار الصفات) للدارقطني. وابن المعلم القرشي يؤكد أنه مدسوس ض كتاب الدارقطني وليس ببعيد بالنظر إلى أن راويه عنه العشاري والراوي عنه ابن كادش، وستعرف قيمتهما في أواخر ما علقناه على هذا الكتاب. ويظهر مما رفعه أبو إسحاق الشيرازي وأصحابه إلى نظام الملك من المحضر - في فتنة الحشوية ببغداد ضد ابن القشيري - اتخاذ رواية حماد هذه دينا فليراجع المحضر المذكور في (تبيين كذب المفتري) لابن عساكر (ص ٣١٠) وفيه ما نصه (... وأبوا إلا التصريح بأن المعبود ذو قدم وأضراس ولهوات وأنامل، وأنه ينزل بذاته ويتردد على حمار في صورة شاب أمرد بشعر قطط وعليه تاج يلمع وفي رجليه نعلان من ذهب...) تعالى الله عما يشركون. وفي مرسوم الخليفة العباسي الراضي الذي أصدره في فتنة البربهاري ما نصه (... وتارة إنكم تزعمون أن صورة وجوهكم القبيحة السمجة على مثال رب العالمين وهيئتكم الرذلة على هيئته وتذكرون الكف والأصابع والرجل والنعلين الذهبين والشعر القطط والصعود إلى السماء والنزول إلى الدنيا، تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا...) كما في الكامل لابن الأثير (٨ - ٩٨) إلى غير ذلك من الفضائح المكشوفة، وحديث أم الطفيل أنكره أحمد والنسائي فلا يمكن أن يصح مثل تلك الرواية لا يقظة ولا مناما، راجع دفع الشبه لابن الجوزي و (نجم المهتدي) والله ولي الهداية.
(١٠٩)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 التعريف بموضوع الكتاب 9
2 مقدمة المعلق 9
3 انقشاع ظلمات الجاهلية بمبعثه صلى الله عليه وسلم 9
4 تحين الأعداء الفرص للكيد بالمسلمين 9
5 انخداع سذج الرواة 11
6 فضل علماء أصول الدين في حراسة الدين 11
7 محاولة ابن تيمية بعث الحشوية من مرقدها 12
8 مسايرة ابن القيم لابن تيمية في فتنته 13
9 نماذج من أقوال أصحاب ابن القيم وأضداده والمتحايدين 14
10 أخطر ما يطغى من صنوف الاستغناء 16
11 ردود السبكي على ابن تيمية والكلام في رده على نونية ابن القيم 17
12 مقدمة الكتاب للمؤلف 19
13 الأشعرية اعدل الفرق 21
14 مجامع الزيغ في نونية ابن القيم 26
15 تأسى السبكي بإمام الحرمين في الرد على بعض جهلة أهل الحديث 27
16 مناظرة خيالية بين المشبه والمنزه 29
17 فصل: أمثال مضروبة للمعطل والمشبه والموحد 32
18 فصل: في قصيدته النونية 32
19 فصل: تخيل الناظم في أفعال العباد 33
20 فصل: استنكار الناظم إعادة المعدوم 37
21 فصل: زعم الناظم قيام الله تعالى بالحوادث 38
22 فصل: عقد مجلس خيالي.. كلامه في وحدة الوجود 42
23 فصل: الفوقية الحسية 48
24 تسمية الناظم أهل الحق بحزب جنكيزخان 49
25 فتاوى في الرد على القائلين بالحرف والصوت 52
26 رد حديث الأوعال 54
27 الأصابع في كلام الجبر 57
28 الكلام على الساق والنزول والمجيء ووضع القدم 59
29 تصوير الناظم أهل الحق أسوأ تصوير 62
30 كذب الناظم على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم 63
31 فصل: قال: في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن 65
32 عدم تمييز الناظم بين اللازم والملزوم 68
33 تخبط الناظم في الصوت 68
34 كلام واف في أحاديث الصوت 71
35 فصل: قوله: إنه يلزم من نفى صفة الكلام نفى الرسالة 73
36 فصل: وقيعة الناظم وشيخه في ابن حزم 75
37 الخلاف بين احمد والبخاري رضى الله عنهما في الفظ 77
38 فصل: في مقالة الفلاسفة والقرامطة 78
39 فصل: في الاتحادية 78
40 الرد على عثمان بن سعيد في إثباته الحركة 81
41 الرد على قول الناظم بالإيجاب 82
42 فصل: في تجويز التسلسل في الماضي 83
43 الرد على كلام الناظم في الزمان 84
44 فصل: في الرد على الجهمية 86
45 فصل: نصوص ابن تيمية في الفوقية الحسية 90
46 قول أبى حيان في ابن تيمية 92
47 صيغة استتابة ابن تيمية في الاستواء والصوت وخطوط كبار العلاء 92
48 فصل: كلمة ابن تيمية في العلو والفوقية والرد عليه 97
49 فصل: حديث النزول 99
50 فصل: الإشارة إلى رفع الأيدي إلى السماء 101
51 فصل: دعوى الناظم في الرؤية بدون مقابلة 102
52 فصل: بسط الكلام في السؤال ب‍ " أين " في حديث الجارية 103
53 توهين سند حديث أبى رزين 106
54 تفنيد زعم الإجماع على الفوقية الحسية 108
55 مخالفات ابن تيمية 110
56 رد المصنف على الناظم في الفوقية 115
57 روايات الضراب عن مالك في النزول 115
58 قول اليافعي في الحشوية 117
59 أحد المراسيم الصادرة في حق ابن تيمية 119
60 نص الإمام أحمد في المجئ 122
61 معنى كتب ربكم على نفسه بيده 124
62 سخف عثمان بن سعيد في التمسك بحديث حصين في الفوقية 126
63 الشعر المنسوب إلى ابن رواحة رضى الله عنه 128
64 حديث بنى قريظة 129
65 حدث جابر رضى الله عنه 130
66 فصل: ممتع في التأول 133
67 القول بالتجلي في الصور 136
68 تبديع الفلاسفة وإكفارهم 137
69 القول بتجرد الروح 139
70 نص من ابن تيمية في الحد والجسم 140
71 قول السلف في العين واليد 144
72 خداع الناظم وشيخه 144
73 معنى القبضة عند الخلف 145
74 المعطل في الأصل من ينفى الصانع 146
75 فصل: في عهود المثبتين مع الله رب العالمين 152
76 فصل: افتراؤهم المثلث على الأشعرية 152
77 فصل: في حياة الأنبياء 154
78 فتيا الأئمة في إنكاره شد الرحل لزيارته صلى الله عليه وسلم 154
79 فصل: في الهدنة بين المعطلة والاتحادية حزب جنكسخان 161
80 فصل: في مصارع المعطلة باسنة الموحدين 161
81 كلمة صاحب الدرة المضيئة في ابن تيمية 162
82 فصل: في كسر الطاغوت الذي نوا به الصفات 164
83 فصل: في مبدأ العداوة بين الموحدين والمعطلين 165
84 فصل: في أن التعطيل أساس الزندقة 165
85 فصل: في بهت أهل الشرك والتعطيل 166
86 عظم شأن الفخر الرازي في الرد على الحشوية 167
87 ناحت العجل 168
88 الكلام النفسي 169
89 قول ابن القيم في تلازم التعطيل والشرك 170
90 فصل: في مثل المشرك والمعطل 171
91 فصل: في أسبق الناس دخولا إلى الجنة 173
92 فصل: في عدد الجنات 174
93 فصل: في يوم المزيد 175
94 خاتمة السيف الصقيل 176
95 نص الرسالة بالحروف العادية 178
96 لماذا يقال للناظم ابن القيم 180
97 خاتمة تكملة الرد 180