شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٥٤
السابق
فقال: قل له: إنك لم تلدهما، وإني أنا ولدتهما. وبلغ مقدم الصفوف، فقال له الناس:
مكانك! إنه لا بأس على ابنيك، إنهما في مكان حريز. فقال: أسمعوني أصواتهما حتى أعلم أحيان هما أم قتيلان! ونادى: يا وردان، قدم لوائك قيد قوس، فقدم لواءه، فأرسل علي عليه السلام إلى أهل الكوفة: أن احملوا، وإلى أهل البصرة، أن احملوا. فحمل الناس من كل جانب، فاقتتلوا قتالا شديدا، وخرج رجل من أهل الشام، فقال: من يبارز؟ فبرز إليه رجل من أهل العراق، فاقتتلا ساعة، وضرب العراقي الشامي على رجله، فأسقط قدمه، فقاتل ولم يسقط إلى الأرض، فضربه العراقي أخرى، فأسقط يده، فرمى الشامي سيفه إلى أهل الشام، وقال: دونكم سيفي هذا، فاستعينوا به على قتال عدوكم.
فاشتراه معاوية من أوليائه بعشرة آلاف درهم (1).
قال نصر: وحدثنا مالك الجهني، عن زيد بن وهب، أن عليا عليه السلام مر على جماعة من أهل الشام بصفين، منهم الوليد بن عقبة، وهم يشتمونه ويقصبونه (2)، فأخبر بذلك، فوقف على ناس من أصحابه وقال: انهدوا إليهم، وعليكم السكينة والوقار وسيما الصالحين، أقرب بقوم من الجهل، قائدهم ومؤدبهم معاوية، وابن النابغة وأبو الأعور [السلمي] (3)، وابن أبي معيط شارب الحرام، والمحدود (4) في الاسلام!
[وهم أولاء] (3)، يقصبونني ويشتمونني، وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الاسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، فالحمد لله، ولا إله إلا الله، لقديما ما عاداني الفاسقون، إن هذا لهو الخطب الجلل، إن فساقا كانوا عندنا غير مرضيين، وعلى الاسلام

(1) صفين 441، 442.
(2) يقصبونه: يسبونه.
(3) من صفين.
(4) صفين: " المجلود ".
(٥٤)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302