شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٣٦
السابق
أنبأنا قراؤنا بما كان (1) * أن عليا قتل ابن عفان ثم شد لا ينثني حتى يضرب بسيفه، ثم جعل يلعن عليا ويشتمه ويسهب في ذمه، فقال له هاشم بن عتبة: يا هذا، إن الكلام بعده الخصام، وإن لعنك سيد الأبرار بعده عقاب النار، فاتق الله، فإنك راجع إلى ربك فيسألك عن هذا الموقف وعن هذا المقال (2).
قال الفتى: إذا سألني ربى قلت: قاتلت أهل العراق، لان صاحبهم لا يصلى كما ذكر لي، وإنهم لا يصلون، وصاحبهم قتل خليفتنا، وهم آزروه على قتله. فقال له هاشم: يا بنى، وما أنت وعثمان! إنما قتله أصحاب محمد، الذين هم أولى بالنظر في أمور المسلمين، وإن صاحبنا كان أبعد القوم عن دمه، وأما قولك: " إنه لا يصلى "، فهو أول من صلى مع رسول الله وأول من آمن به. وأما قولك: إن أصحابه لا يصلون، فكل من ترى معه قراء الكتاب، لا ينامون الليل تهجدا، فاتق الله واخش عقابه، ولا يغررك من نفسك الأشقياء الضالون.
فقال الفتى: يا عبد الله، لقد دخل قلبي وجل من كلامك، وإني لأظنك صادقا صالحا، وأظنني مخطئا آثما فهل لي من توبة؟ قال: نعم، ارجع إلى ربك وتب إليه، فإنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، ويحب التوابين ويحب المتطهرين. فرجع الفتى إلى صفه منكسرا نادما، فقال له قوم من أهل الشام: خدعك العراقي! قال: لا، ولكن نصحني العراقي (3).
قال نصر: وفى قتل هاشم وعمار تقول امرأة من أهل الشام:
لا تعدموا قوما أذاقوا ابن ياسر * شعوبا ولم يعطوكم بالخزائم

(1) صفين: " أنبأنا أقواما " (2) صفين: " وما أردت به " (3) صفين 403، 404.
(٣٦)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302