شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٦٠
السابق
كذلك أياما، ثم أتى به فوقف بين يديه، فقال أبو ذر: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه، ورأيت أبا بكر وعمر! هل هديك كهديهم! أما إنك لتبطش بي بطش جبار. فقال عثمان: أخرج عنا من بلادنا، فقال أبو ذر، ما أبغض إلى جوارك!
فإلى أين أخرج؟
قال: حيث شئت قال: أخرج إلى الشام أرض الجهاد؟
قال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها، أفأردك إليها! قال: أفأخرج إلى العراق؟
قال: لا، إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولى شبه وطعن على الأئمة والولاة، قال:
أفأخرج إلى مصر؟ قال لا، قال: فإلى أين أخرج؟ قال: إلى البادية قال أبو ذر:
أصير بعد الهجرة أعرابيا! قال: نعم، قال أبو ذر: فأخرج إلى بادية نجد؟ قال عثمان: بل إلى الشرق الأبعد، أقصى فأقصى، أمض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة.
فخرج إليها.
* * * وروى الواقدي أيضا عن مالك بن أبي الرجال، عن موسى بن ميسرة، أن أبا الأسود الدؤلي، قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة، فجئته فقلت له: ألا تخبرني، أخرجت من المدينة طائعا، أم أخرجت كرها؟ فقال: كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغنى عنهم، فأخرجت إلى المدينة، فقلت: دار هجرتي وأصحابي، فأخرجت من المدينة إلى ما ترى. ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه، إذ مر بي عليه السلام فضربني برجله: وقال: لا أراك نائما في المسجد، فقلت: بأبي أنت وأمي! غلبتني عيني، فنمت فيه. قال: فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟ قلت: إذا ألحق بالشام، فإنها أرض مقدسة، وأرض الجهاد.
قال: فكيف تصنع إذا أخرجت منها؟ قلت: أرجع إلى المسجد، قال: فكيف تصنع
(٢٦٠)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302