شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٤
السابق
ثم سارت طائفة منهم إلى بلاد الروس، وهي بلاد كثيرة عظيمه، وأهلها نصارى، وذلك في سنة عشرين وستمائة فاجتمع الروس وقفجاق عن منعهم عن البلاد، فلما قاربهم التتار، وعرفوا اجتماعهم، رجعوا القهقرى إيهاما للروس، أن ذلك عن خوف وحذر، فجدوا في اتباعهم، ولم يزل التتار راجعين، وأولئك يقفون آثارهم اثنى عشر يوما.
ثم رجعت التتار على الروس وقفجاق، فأثخنوا فيهم قتلا وأسرا، ولم يسلم منهم إلا القليل، ومن سلم نزل في المراكب، وخرج في البحر إلى الساحل الشامي، وغرق بعض المراكب.
وهذه الوقائع كلها تولاها التتر المغربة، الذين قائدهم جرماغون، فأما ملكهم الأكبر جنكزخان، فإنه كان في هذه المدة بسمرقند ما وراء النهر، فقسم أصحابه أقساما، فبعث قسما منهم إلى فرغانة وأعمالها، فملكوها، وبعث قسما آخر إلى ترمذ وما يليها فملكوها، وبعث قسما آخر إلى بلخ وما يليها من أعمال خراسان.
فأما بلخ فإنهم أمنوا أهلها، ولم يتعرضوا لها بنهب ولا قتل وجعلوا فيها شحنة (1) وكذلك فاريات وكثير من المدن، إلا أنهم أخذوا أهلها، يقاتلون بهم من يمتنع عليهم، حتى وصلوا إلى الطالقان، وهي عدة بلاد، وفيها قلعة حصينة، وبها رجال إنجاد، فأقاموا على حصارها شهورا فلم يفتحوها، فأرسلوا إلى جنكزخان يعرفونه عجزهم عنها فسار بنفسه، وعبر جيحون، ومعه من الخلائق مالا يحصى، فنزل على هذه القلعة، وبنى حولها شبه قلعة أخرى من طين وتراب وخشب وحطب ونصب عليها المنجنيقات، ورمى القلعة بها، فلما رأى أهلها ذلك فتحوها، وخرجوا وحملوا حملة واحدة، فقتل منهم من قتل، وسلم من سلم، وخرج السالمون فسلكوا تلك الجبال والشعاب، ناجين بأنفسهم، ودخل التتار القلعة فنهبوا الأموال والأمتعة، وسبوا النساء والأطفال.

(1) الشحنة في البلد: من فيه من الكفاية لضبطها من جهة السلطان.
(٢٣٤)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302