شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢٣
السابق
بعد فراغه من الغنيمة فواقعوه وتصافوا للحرب ثلاثة أيام بلياليها، لا يفترون نهارا ولا ليلا، فقتل من الفريقين ما لا يعد، ولم ينهزم منهم أحد.
أما المسلمون فصبروا حمية للدين، وعلموا أنهم إن انهزموا لم يبق للاسلام باقية، ثم إنهم لا ينجون، بل يؤخذون ويؤسرون لبعدهم عن بلاد يمتنعون بها، وأما التتار فصبروا لاستنقاذ أموالهم وأهلهم، واشتد الخطب بين الطائفتين، حتى إن أحدهم كان ينزل عن فرسه، ويقاتل قرنه راجلا، مضاربة بالسكاكين، وجرى الدم على الأرض، حتى كانت الخيل تزلق فيه لكثرته، ولم يحضر جنكزخان بنفسه هذه الوقعة، وإنما كان فيها قاآن ولده، فأحصى من قتل من المسلمين فكانوا عشرين ألفا، ولم يحص عدة من قتل من التتار.
فلما جاءت الليلة الرابعة افترقوا فنزل بعضهم مقابل بعض، فلما أظلم الليل، أوقد التتار نيرانهم، وتركوها بحالها، وساروا راجعين إلى جنكزخان ملكهم، و أما المسلمون فرجعوا ومعهم محمد خوارزم شاه، فلم يزالوا سائرين حتى وافوا بخارى، وعلم خوارزم شاه انه لا طاقة له بجنكزخان لان طائفة من عسكره لم يلقوا خوارزم شاه بجميع عساكره بهم، فكيف إذا حشدوا وجاءوا على (1) بكرة أبيهم، وملكهم جنكزخان بينهم.
فاستعد للحصار، وأرسل إلى سمرقند يأمر قواده المقيمين بها بالاستعداد للحصار، وجمع الذخائر للامتناع والمقام من وراء الأسوار، وجعل في بخارى عشرين ألف فارس، يحمونها وفي سمرقند خمسين ألفا، وتقدم إليهم بحفظ البلاد حتى يعبر هو إلى خوارزم وخراسان، فيجمع العساكر، ويستنجد بالمسلمين والغزاة المطوعة ويعود إليهم.

(1) في الأصول " عن " وصواب المثل ما ذكرته. وانظر مجمع الأمثال 1: 176.
(٢٢٣)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302