شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢١
السابق
فبعث إليه خوارزم شاه يأمره بقتل أولئك التجار، وأخذ ما معهم من الفضة وإنفاذها إليه، فقتلهم وسير إليه الفضة. وكان ذلك شيئا كثيرا جدا، ففرقه خوارزم شاه على تجار سمرقند وبخارى، وأخذ ثمنه منهم لنفسه. ثم علم أنه قد أخطأ، فأرسل إلى نائبه بأوتران، يأمره أن ينفذ جواسيس من عنده إليهم، ليخبروه بعدتهم، فمضت الجواسيس، وسلكت مفاوز وجبالا كثيرة، وعادوا إليه بعد مدة، فأخبروه بكثرة عددهم، وأنهم لا يبلغهم الإحصاء ولا يدركهم، وأنهم من أصبر الناس على القتال: لا يعرفون الفرار، ويعملون ما يحتاجون إليه من السلاح بأيديهم، وأن خيلهم لا تحتاج إلى الشعير، بل تأكل نبات الأرض وعروق المراعى، وأن عندهم من الخيل والبقر مالا يحصى، وأنهم يأكلون الميتة والكلاب والخنازير وهم أصبر خلق الله على الجوع والعطش والشقاء، وثيابهم من أخشن الثياب مسا، ومنهم من يلبس جلود الكلاب والدواب الميتة، وأنهم أشبه شئ بالوحش والسباع.
فأنهى ذلك كله إلى خوارزم شاه، فندم على قتل أصحابهم، وعلى خرق الحجاب بينه وبينهم، وأخذ أموالهم، وغلب عليه الفكر والوجل، فأحضر الشهاب الخيوفي، وهو فقيه فاضل كبير المحل عنده، لا يخالف ما يشير به، فقال له: قد حدث أمر عظيم لابد من الفكر فيه، وإجالة الرأي فيما نفعل وذلك أنه قد تحرك إلينا خصم من الترك في عدد لا يحصى، فقال له: عساكرك كثيرة، وتكاتب الأطراف، وتجمع الجنود، ويكون من ذلك نفير عام، فإنه يجب على المسلمين كافة مساعدتك بالأموال والرجال، ثم تذهب بجميع العساكر إلى جانب سيحون، وهو نهر كبير يفصل بين بلاد الترك وبين بلاد خوارزم شاه، فتكون هناك، فإذا جاء العدو وقد سار مسافة بعيدة، لقيناه ونحن جامون مستريحون، وقد مسه وعساكره النصب واللغوب.
(٢٢١)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302