شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢١٣
السابق
لم ير مثله، واشتق أسواق بغداد والرأس بين يديه، فلما صرنا بباب الطاق، صاح قوم من درب من تلك الدروب: رحم الله معاوية وزاد! حتى علت أصوات العامة بذلك فتغير وجه المعتضد، وقال: ألا تسمع يا أبا عيسى! ما أعجب هذا! وما الذي اقتضى ذكر معاوية في هذا الوقت! والله لقد بلغ أبى إلى الموت وما أفلت أنا إلا بعد مشارفته، ولقينا كل جهد وبلاء، حتى أنجينا هؤلاء الكلاب من عدوهم، وحصنا حرمهم وأولادهم فتركوا أن يترحموا على العباس وعبد الله ابنه ومن ولد من الخلفاء، وتركوا الترحم على علي بن أبي طالب، وحمزة، وجعفر، والحسن والحسين، والله لا برحت أو أؤثر في تأديب هؤلاء أثرا لا يعاودون بعد هذا الفعل مثله! ثم أمر بجمع النفاطين ليحرق الناحية فقلت له: أيها الأمير، أطال الله بقاءك! إن هذا اليوم من أشرف أيام الاسلام، فلا تفسده بجهل عامة لا خلاق لهم. ولم أزل أداريه وأرفق به حتى سار.
فأما الذي يرويه الناس من أن صاحب الزنج ملك سواد بغداد، ونزل بالمدائن، وأن الموفق أرسل إليه من بغداد عسكرا، وأصحبهم دنان النبيذ، وأمرهم أن ينهزموا من بين يدي الزنج عند اللقاء، ويتركوا خيامهم وأثقالهم لينتهبها الزنج، وأنهم فعلوا ذلك، فظفر الزنج فيما ظفروا به من أمتعتهم بتلك الدنان، وكانت كثيرة جدا، فشربوا تلك الليلة وسكروا، وباتوا على غرة، فكبسهم الموفق وبيتهم ليلا وهم سكارى، فأصاب منهم ما أراد، فباطل موضوع لا أصل له، والذي بيتهم وهم سكارى فنال منهم نيلا تكين البخاري، وكان على الأهواز بيت أصحاب علي بن أبان في سنة خمس وستين ومائتين، وقد أتاه الخبر بأنهم تلك الليلة قد عمل النبيذ فيهم، والصحيح أنه لم يتجاوز نهبهم ودخولهم البلاد النعمانية. هكذا رواه الناس كلهم.
* * * قال أبو جعفر: فأما علي بن أبان وأنكلاني بن الناجم ومن أسر معهما، فإنهم
(٢١٣)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302