شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠٩
السابق
أهل بغداد لما أدخل إليهم رأس الناجم بين يدي أبى العباس: ما شئتم قولوا، كان الفتح للؤلؤ.
* * * قال أبو جعفر فجمع الموفق في غد هذا اليوم قواده وهو حنق عليهم لانصرافهم عنه، وإفرادهم إياه، وكان لؤلؤ وأصحابه تولوا طلب الناجم دونهم، فعنقهم وعذلهم ووبخهم على ما كان منهم، وعجزهم وأغلظ لهم، فاعتذروا إليه بما توهموه من انصرافه، وأنهم لم يعلموا أنه قد لجج وأوغل في طلب الناجم، وأنهم لو علموا ذلك لأسرعوا نحوه.
ثم تحالفوا بين يديه، وتعاقدوا ألا يبرحوا في غد موضعهم إذا توجهوا نحو الزنج، حتى يظفرهم الله تعالى به، فإن أعياهم ذلك أقاموا حيث انتهى بهم النهار في أي موضع كان حتى يحكم الله بينهم وبينه. وسألوا الموفق أن يرد السفن إلى الموفقية، بحيث لا يطمع طامع من العسكر في الالتجاء إليها والعبور فيها.
فقبل أبو أحمد عذرهم، وجزاهم الخير عن تنصلهم، ووعدهم بالاحسان، وأمرهم بالتأهب للعبور، ثم عبر بهم على ترتيب ونظام قد أحكمه وقرره، وذلك في يوم السبت لليلتين خلتا من صفر من سنة سبعين ومائتين، وقد كان الناجم عاد من تلك الأنهار إلى معسكره بعد انصراف الجيش عنه فأقام به، وأمل أن تتطاول به وبهم الأيام (1)، وتندفع عنه المناجزة فلقيه في هذا اليوم سرعان (2) العسكر، وهم مغيظون محنقون من التقريع والتوبيخ اللاحقين بهم بالأمس، فأوقعوا به وبأصحابه وقعة شديدة، أزالوهم عن مواقفهم، فتفرقوا لا يلوي بعضهم على بعض، واتبعهم الجيش يقتلون ويأسرون من لحقوا منهم، وانقطع

(1) الطبري: " تتطاول بهم الأيام ".
(2) سرعان الناس: أوائلهم. وفى الطبري: " فوجد الموفق المتسرعين من فرسان غلمانه ورجالتهم ".
(٢٠٩)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302