شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٠٨
السابق
عزمه على لقاء الناجم بجميع عسكره، فرتب جيوشه، وقسمهم على القواد، وأمر كل واحد من القواد أن يقصد جهة من جهات معسكر الناجم عينها له، وركب بنفسه، وركب جيشه، وتوغلوا في مسالك شرقي نهر أبى الخصيب، ولقيهم الزنج، وقد حشدوا واستقبلوا فكانت بينهم وقعة شديدة، منحهم الله تعالى فيها أكتاف الزنج، فولوا منهزمين، فاتبعهم أصحاب أبي أحمد يقتلون ويأسرون، فقتل منهم كثير، وغرق كثير، وحوى أصحاب أبي أحمد معسكر الناجم ومدينته، وظفروا بعيال علي بن أبان المهلبي وداره وأمواله، فاحتووا عليها، وعبر أهله أو ولادة إلى الموفقية مع كلابهم، ومضى الناجم ومعه المهلبي وابنه أنكلاني، وسليمان بن جامع، والهمداني وجماعة من أكابر القواد، عامدين إلى موضع كان الناجم قد أعده لنفسه ملجأ إذا غلب على مدينته وداره في النهر المعروف بالسفياني، فتقدم أبو أحمد ومعه لؤلؤ قاصدين هذا النهر، لان أبا أحمد دل عليه فأوغل في الدخول، وفقده أصحابه، فظنوا أنه رجع، فرجعوا كلهم وعبروا دجلة في الشذا ظانين أنه عبر راجعا، وانتهى أبو أحمد ومعه لؤلؤ، قاصدين هذا النهر، فاقتحمه لؤلؤ بفرسه، وعبر أصحاب لؤلؤ خلفه.
ووقف أبو أحمد في جماعة من أصحابه عند النهر، ومضى الناجم هاربا، ولؤلؤ يتبعه في أصحابه، حتى انتهى إلى النهر المعروف بالقريري، فوصل إليه لؤلؤ وأصحابه، فأوقعوا به وبمن معه فكشفوهم فولوا هاربين حتى عبروا النهر المذكور، ولؤلؤ وأصحابه يطردونهم من ورائهم، حتى ألجئوهم إلى نهر آخر، فعبروه واعتصموا بدحال وراءه، فولجوها، وأشرف لؤلؤ وأصحابه عليها فأرسل إليه الموفق ينهاه عن اقتحامها، ويشكر سعيه، ويأمره بالانصراف، فانفرد لؤلؤ هذا اليوم وأصحابه بهذا الفعل، دون أصحاب الموفق، فانصرف لؤلؤ محمود الفعل، فحمله الموفق معه في شذاته وجدد له من البر والكرامة ورفع المنزلة لما كان منه في أمر الناجم، حسبما كان مستحقا له، ولهذا نادى
(٢٠٨)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302