شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٩١
السابق
بنهر الأتراك، فرأى في ذلك النهر قلة من الزنج الذين يحرسونه، فطمع فيهم، فقصد نحوهم، وصعد جماعة من أصحابه سور المدينة، وعليه فريق من الزنج، فقتلوا من أصابوا هناك، ونذر الناجم بهم، فأنجدهم بقواد من قواده، فأرسل أبو العباس إلى أبيه يستمده، فوافى من عسكر أبى أحمد من خف من الغلمان، فقوى بهم عسكر أبى العباس.
وقد كان سليمان بن جامع لما رأى أن أبا العباس قد أوغل في نهر الأتراك، صعد في جمع كثير من الزنج، ثم استدبر أصحاب أبي العباس وهم متشاغلون بحرب من بإزائهم على سور المدينة، فخرج عليهم من ورائهم وخفقت طبولهم، فانكشف أصحاب أبي العباس وحملت الزنج عليهم من أمامهم، فأصيب في هذه الوقعة جماعة من غلمان أبى أحمد وقواده، وصار في أيدي الزنج عدة أعلام ومطارد، وحامى أبو العباس عن نفسه حتى انصرف سالما، فأطمعت هذه الوقعة الزنج وأتباعهم (1)، وشدت قلوبهم، فأجمع أبو أحمد على العبور بجيشه أجمع، وأمر بالاستعداد والتأهب، فلما تهيأ له ذلك عبر في آخر ذي الحجة من سنة سبع وستين، في أكثف جمع، وأكمل عدة، وفرق قواده على أقطار مدينة الناجم، وقصد هو بنفسه ركنا من أركانها، وقد كان الناجم حصنه بابنه الذي يقال له أنكلاي، وكنفه بعلي بن أبان وسليمان بن جامع، وإبراهيم بن جعفر الهمداني وحفه بالمجانيق والعرادات (2) والقسي الناوكية، وأعد فيه الناشبة (3) جمع فيه أكثر جيشه، فلما التقى الجمعان أمر أبو أحمد غلمانه الناشبة والرامحة (4) والسودان بالدنو من هذا

(1) الطبري: " وتباعهم ".
(2) العرادة بالتشديد: من آلات الحرب، أصغر من المنجنيق.
(3) الناشبة: الرماة بالنشاب، والنشاب: السهام، مأخوذة من النشوب.
(4) الرامحة: الرماة بالرمح.
(١٩١)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302