شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٩٥
السابق
واقف على التل، يبصر ويشاهد، فقال: تبا لهذه الرجال وقبحا! أما فيهم من يقتل هذا مبارزة أو غيلة، أو في اختلاط الفيلق وثوران النقع! فقال الوليد بن عقبة: أبرز إليه أنت فإنك أولى الناس بمبارزته، فقال: والله لقد دعاني إلى البراز حتى لقد استحييت من قريش، وإني والله لا أبرز إليه، ما جعل العسكر بين يدي الرئيس إلا وقاية، له فقال عتبة بن أبي سفيان: الهوا عن هذا كأنكم لم تسمعوا نداءه فقد علمتم أنه قتل حريثا، وفضح عمرا ولا أرى أحدا يتحكك به إلا قتله. فقال معاوية لبسر بن أرطاة: أتقوم لمبارزته؟ فقال:
ما أحد أحق بها منك، أما إذ بيتموه فأنا له، قال معاوية: إنك ستلقاه غدا في أول الخيل وكان عند بسر ابن عم له قدم من الحجاز يخطب ابنته، فأتى بسرا، فقال له: إني سمعت أنك وعدت من نفسك أن تبارز عليا، أما تعلم أن الوالي من بعد معاوية عتبة ثم بعده محمد أخوه، وكل من هؤلاء قرن على، فما يدعوك إلى ما أرى! قال: الحياء، خرج منى كلام، فأنا أستحي أن أرجع عنه. فضحك الغلام، وقال:
تنازله يا بسر إن كنت مثله * وإلا فإن الليث للشاء آكل (1) كأنك يا بسر بن أرطاة جاهل * بآثاره في الحرب أو متجاهل معاوية الوالي وصنواه بعده * وليس سواء مستعار وثاكل أولئك هم أولى به منك إنه * على فلا تقربه، أمك هابل!
متى تلقه فالموت في رأس رمحه * وفي سيفه شغل لنفسك شاغل وما بعده في آخر الخيل عاطف * ولا قبله في أول الخيل حامل.
فقال بسر: هل هو إلا الموت، لابد من لقاء الله فغدا علي عليه السلام منقطعا من خيله، ويده في يد الأشتر وهما يتسايران رويدا يطلبان التل ليقفا عليه إذ برز له بسر مقنعا في الحديد، لا يعرف فناداه أبرز إلى أبا حسن، فانحدر إليه على تؤده غير مكترث به

(1) صفين: " للضبع آكل ".
(٩٥)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302