شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٦٦
السابق
فإن قلت: أفتراه عنى بهذا قوما بأعيانهم؟
قلت: الامامية تزعم أنه رمز في الجفاء والعصبية لقوم دون قوم إلى عمر، ورمز بالجهل إلى من كان قبله، ورمز بتعطيل السنة إلى عثمان ومعاوية، وأما نحن فنقول: إنه عليه السلام لم يعن ذلك، وإنما قال قولا كليا غير مخصوص، وهذا هو اللائق بشرفه عليه السلام، وقول الامامية دعوى لا دليل عليها، ولا يعدم كل أحد أن يستنبط من كل كلام ما يوافق غرضه، وإن غمض، ولا يجوز أن تبنى العقائد على مثل هذه الاستنباطات الدقيقة.
والنهمة: الهمة الشديدة بالامر، قد نهم بكذا بالضم، فهو منهوم أي مولع به حريص عليه، يقول: إذا كان الامام بخيلا كان حرصه وجشعه على أموال رعيته، ومن رواها " نهمته "، بالتحريك فهي إفراط الشهوة في الطعام، والماضي نهم، بالكسر.
قوله عليه السلام: " فيقطعهم بجفائه " أي يقطعهم عن حاجاتهم لغلظته عليهم، لان الوالي إذا كان غليظا جافيا أتعب الرعية وقطعهم عن مراجعته في حاجاتهم خوفا من بادرته، ومعرته.
قوله، " ولا الحائف للدول "، أي الظالم لها والجائر عليها. والدول جمع دولة بالضم وهي اسم المال المتداول به، يقال: هذا الفئ دولة بينهم، أي يتداولونه، والمعنى أنه يجب أن يكون الامام يقسم بالسوية، ولا يخص قوما دون قوم على وجه العصبية لقبيلة دون قبيلة، أو لانسان من المسلمين دون غيره، فيتخذ بذلك بطانة.
قوله: " فيقف بها دون المقاطع "، المقاطع: جمع مقطع، وهو ما ينتهى الحق إليه، أي لا تصل الحقوق إلى أربابها لأجل ما اخذ من الرشوة عليها.
(٢٦٦)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302