شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٠
السابق
وساروا إلى زنجان، واستباحوها، وإلى قزوين فاعتصم أهلها منهم بقصبه مدينتهم، فدخلوها بالسيف عنوة، وقاتلهم أهلها قتالا شديدا بالسكاكين، وهم معتادون بقتال السكين من حروبهم مع الإسماعيلية، فقتل من الفريقين مالا يحصى. ويقال. إن القتلى بلغت أربعين ألفا من أهل قزوين خاصة.
ثم هجم على التتار البرد الشديد، والثلج المتراكم، فساروا إلى أذربيجان، فنهبوا القرى، وقتلوا من وقف بين أيديهم، وأخربوا وأحرقوا، حتى وصلوا إلى تبريز، وبها صاحب أذربيجان أزبك بن البهلوان بن أيلدكر، فلم يخرج إليهم، ولا حدث نفسه بقتالهم، لاشتغاله بما كان عليه من اللهو وإدمان الشرب ليلا ونهارا. فأرسل إليهم، وصالح لهم على مال وثياب ودواب، وحمل الجميع إليهم، فساروا من عنده يطلبون ساحل البحر، لأنه مشتى صالح لهم والمراعى به كثيرة، فوصلوا إلى موقان، وهي المنزل الذي نزلته الخرمية في أيام المعتصم، وقد ذكره الطائيان في أشعارهما في غير موضع، والناس اليوم يقولون بالغين المعجمة عوض القاف، وقد كانوا تطرقوا في طريقهم بعض أعمال الكرج، فخرج إليهم منهم عشرة آلاف مقاتل، فحاربوهم وهزموهم، وقتلوا أكثرهم.
فلما استقروا بموقان، راسلت الكرج أزبك بن البهلوان في الاتفاق على حربهم، وراسلوا موسى بن أيوب المعروف بالأشرف، وكان صاحب خلاط وأرمينية بمثل ذلك، وظنوا أنهم يصبرون إلى أيام الربيع وانحسار الثلوج، فلم يصبروا وصاروا من موقان في صميم الشتاء نحو بلاد الكرج، فخرجت إليهم الكرج، واقتتلوا قتالا شديدا، فلم يثبتوا للتتار، وانهزموا أقبح هزيمة وقتل منهم من لا يحصى، فكانت هذه الوقعة في ذي الحجة من سنة سبع عشرة وستمائة.
* * *
(٢٣٠)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302