شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٢٢
السابق
فجمع خوارزم شاه أمراءه، ومن عنده من أرباب المشورة، فاستشارهم فقالوا: لا بل الرأي أن نتركهم ليعبروا سيحون إلينا، ويسلكوا هذه الجبال والمضايق،، فإنهم جاهلون بطرقها، ونحن عارفون بها، فنظهر عليهم، ونهلكهم عن آخرهم.
فكانوا على ذلك حتى وصل رسول من جنكزخان ومعه جماعة، يتهدد خوارزم شاه، ويقول: تقتل أصحابي وتجاري، وتأخذ مالي منهم! استعد للحرب، فإني واصل إليك بجمع لا قبل لك به.
* * * فلما أدى هذه الرسالة إلى خوارزم شاه أمر بقتل الرسول فقتل، وحلق لحى الجماعة الذين كانوا معه، وأعادهم إلى صاحبهم جنكزخان ليخبروه بما فعل بالرسول، ويقولوا له:
إن خوارزم شاه يقول لك: إني سائر إليك، فلا حاجة لك أن تسير إلى، فلو كنت في آخر الدنيا لطلبتك حتى أقتلك، وأفعل بك وبأصحابك ما فعلت برسلك.
وتجهز خوارزم شاه، وسار بعد نفوذ الرسول، مبادرا لسبق خبره، ويكبس (1) التتار على غرة، فقطع مسيرة أربعة أشهر في شهر واحد، ووصل إلى بيوتهم وخركاواتهم (2)، فلم ير فيها إلا النساء والصبيان والأثقال، فأوقع بهم، وغنم الجميع، وسبى النساء والذرية.
وكان سبب غيبوبة التتار عن بيوتهم أنهم ساروا إلى محاربة ملك من ملوك الترك، يقال له " كشلوخان "، فقاتلوه فهزموه، وغنموا أمواله، وعادوا، فلقيهم الخبر في طريقهم بما فعل خوارزم شاه بمخلفيهم، فأغذوا السير فأدركوه، وهو على الخروج من بيوتهم.

(1) يقال: كبس القوم دار فلان، إذا هجموا عليها فجأة واحتاطوها.
(2) الخركاة: الخيمة الكبيرة، المدورة الشكل (أنظر ديميزون).
(٢٢٢)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302