شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٩٨
السابق
إليه سليمان بن موسى بن الشعراني، وقد كان صار إليه من المذار بعد الوقعة التي انهزم فيها، وعلم الناجم أن أبا أحمد إذا جاوره صعب أمره، وقرب على من يريد اللحاق به من الزنج المسافة مع ما يدخل قلوب أصحابه بمجاورته من الرعب والرهبة، وفي ذلك انتقاض تدبيره، وفساد جميع أموره، فكانت الحرب بين قواد أبى أحمد وقواد الناجم متصلة، على إصلاح هذا الموضع، ومدافعة الزنج عنه.
واتفق أن عصفت الرياح يوما وجماعة من قواد أبى أحمد بالجانب الغربي للعمل الذي يريدونه، فانتهز الناجم الفرصة في امتناع العبور بدجلة لعصف الريح فرماهم بجميع جيشه، وكاثرهم برجله، فلم تجد الشذوات التي مع قواد أبى أحمد سبيلا إلى الوقوف بحيث كانت واقفة به، لحمل الرياح إياها على الحجارة، وخوف (1) أصحابها عليها من التكسر، ولم يجدوا سبيلا إلى العبور في دجلة لشدة الريح واضطراب الأمواج، فأوقعت الزنج بهم، فقتلوهم عن آخرهم، وأفلت منهم نفر، فعبروا إلى الموفقية، فاشتد جزع أبى أحمد وأصحابه لما نالهم.
ولما تهيأ للزنج عليهم، وعظم بذلك اهتمامهم. وتعقب أبو أحمد الرأي، فرأى أن نزوله ومقامه بالجانب الغربي، مجاور مدينة الناجم خطأ، وأنه لا يؤمن منه حيلة وانتهاز فرصة فيوقع بالعسكر بياتا أو يجد مساغا إلى (2) ما يكون له قوة، لكثرة الأدغال في ذلك الموضع، وصعوبة المسالك، وإن الزنج على التوغل في تلك المواضع الوعرة الموحشة أقدر وهو عليهم أسهل من أصحابه، فانصرف عن رأيه في نزول الجانب الغربي وصرف همه وقصده

(1) الطبري: " وما خاف ".
(2) الطبري: " إلى شئ مما يكون ".
(١٩٨)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302