شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٨٦
السابق
والاستكثار منها لحاجته إلى أن يبثها ويفرقها في المواضع التي يقطع بها الميرة الناجم وأصحابه، وأمر بالكتاب إلى عماله في إنفاذ كل من يصلح للإثبات والعرض في الدواوين من الجند والمقاتلة، وأقام ينتظر ذلك شهرا أو نحوه، فوردت المير متتابعة، يتلو بعضها، بعضا، ووردت الآلات والصناع وبنيت المدينة، وجهز التجار صنوف التجارات في الأمتعة، وحملوها إليها، واتخذت بها الأسواق، وكثر بها التجار والمجهزون من كل بلد، ووردت إليها مراكب من البحر، وقد كانت انقطعت لقطع الناجم وأصحابه سبلها قبل ذلك بأكثر من عشر سنين، وبنى أبو أحمد في هذه المدينة المسجد الجامع، وصلى بالناس فيه واتخذ دور الضرب، فضرب بها الدنانير والدراهم، فجمعت هذه المدينة جميع المرافق وسيق إليها صنوف المنافع، حتى كان ساكنوها لا يفقدون فيها شيئا مما يوجد في الأمصار العظيمة القديمة. وحملت الأموال وأدر العطاء على الناس في أوقاته، فاتسعوا وحسنت أحوالهم ورغب الناس جميعا في المصير إلى هذه والمقام بها.
* * * قال أبو جعفر: وأمر الناجم بهبوذ بن عبد الوهاب، فعبر والناس غارون في سميريات إلى طرف عسكر أبى حمزة صاحب الماء، فأوقع به وقتل جماعة من أصحابه، وأسر جماعة وأحرق أكواخا كانت لهم، وأرسل إبراهيم بن جعفر الهمداني - وهو من جملة قواد الناجم - في أربعة آلاف زنجي، ومحمد بن أبان المكنى أبا الحسين - أخا علي بن أبان المهلبي في ثلاثة آلاف والقائد المعروف بالدور في ألف وخمسمائة، ليغيروا على أطراف عسكر أبى أحمد ويوقعوا بهم، فنذر بهم (1) أبو العباس، فنهد إليهم في جمع كثيف من أصحابه، وكانت بينه وبينهم حروب كان الاستظهار فيها كلها له واستأمن إليه جماعة منهم فخلع عليهم، وأمر أن يوقفوا بإزاء مدينة الناجم ليعاينهم أصحابه، وأقام أبو أحمد يكايد الناجم ويبذل

(1) نذر: علم.
(١٨٦)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302