شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ١٣٤
السابق
آخر الليل خطيبا، فمناهم ووعدهم أن يقودهم ويرأسهم ويملكهم الأموال والضياع، وحلف لهم بالايمان الغليظة ألا يغدر بهم، ولا يخذلهم، ولا يدع شيئا من الاحسان إلا أتى إليهم.
ثم دعا وكلاءهم، فقال: قد أردت ضرب أعناقكم لما كنتم تأتون إلى هؤلاء الغلمان الذين استضعفتموهم وقهرتموهم، وفعلتم بهم ما حرم الله عليكم أن تفعلوه بهم، وكلفتموهم مالا يطيقونه، فكلمني أصحابي فيكم، فرأيت إطلاقكم.
فقالوا له: أصلحك الله! إن هؤلاء الغلمان أباق (1)، وإنهم سيهربون منك فلا يبقون عليك ولا علينا، فخذ من مواليهم مالا، وأطلقهم.
فأمر الغلمان فأحضروا شطوبا (2)، ثم بطح كل قوم وكيلهم، فضرب كل رجل منهم خمسمائة شطبة، [وأحلفهم بطلاق نسائهم ألا يعلموا أحدا بموضعه] (3)، ثم أطلقهم فمضوا نحو البصرة ومضى رجل منهم حتى عبر دجيل الأهواز، فأنذر الشورجيين ليحفظوا غلمانهم، وكان هناك خمسة عشر ألف غلام زنجي (4)، ثم سار، وعبر دجيلا، وسار إلى نهر ميمون بأصحابه، واجتمع إليه السودان من كل جهة.
فلما كان يوم الفطر جمعهم وخطب خطبة ذكر فيها ما كانوا عليه من سوء الحال، وأن الله تعالى قد استنقذهم من ذلك، وأنه يريد أن يرفع أقدارهم، ويملكهم العبيد والأموال والمنازل، ويبلغ بهم أعلى الأمور، ثم حلف لهم على ذلك. فلما فرغ من خطبته

(1) أباق: هاربون.
(2) الشطوب: جريد النخل المجفف.
(3) من الطبري.
(4) في الطبري: " يقال له عبد الله، ويعرف بكريخا ".
(١٣٤)
التالي
الاولى ١
٣٠٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 2
2 عود إلى أخبار صفين 8
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 102
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 108
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 111
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 112
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 118
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 124
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 125
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 217
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 243
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 245
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 251
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 262
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 267
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 271
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 275
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 295
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 297
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 300
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 302