شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٧ - الصفحة ١٩
السابق
عليهم الكذب ولا التغيير ولا التبديل ولا الكتمان ولا تأخر البيان عن وقت الحاجة، ولا الغلط فيما يؤدونه عن الله تعالى، ولا السهو فيه ولا الألغاز ولا التعمية، لان كل ذلك إما أن ينقض دلالة المعجز على صدقه، أو يؤدى إلى تكليف ما لا يطاق.
وقال قوم من الكرامية والحشوية: يجوز عليهم الخطأ في أقوالهم، كما جاز في أفعالهم، قالوا: وقد أخطأ رسول الله صلى الله عليه وآله في التبليغ، حيث قال: " تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجي ".
وقال قوم منهم: يجوز الغلط على الأنبياء فيما لم تكن الحجة فيه مجرد خبرهم، لأنه لا يكون في ذلك إبطال حجة الله على خلقه، كما وقع من النبي صلى الله عليه وآله في هذه الصورة، فإن قوله ذلك بمبطل لحجة العقل في أن الأصنام لا يجوز تعظيمها، ولا ترجى شفاعتها. فأما ما كان السبيل إليه مجرد السمع فلو أمكن الغلط فيه لبطلت الحجة بإخبارهم.
وقال قوم منهم: إن الأنبياء يجوز أن يخطئوا في أقوالهم وأفعالهم، إذا لم تجر تلك الأفعال مجرى بيان الوحي، كبيانه عليه السلام لنا الشريعة، ولا يجوز عليه الخطأ في حال البيان، وإن كان يجوز عليه ذلك في غير حال البيان، كما روى من خبر ذي اليدين (1) حين سها النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة، وكذلك ما يكون منه من تبليغ وحى، فإنه لا يجوز عليه أن يخطئ فيه، لأنه حجة الله على عباده. فأما في أقواله الخارجة عن التبليغ، فيجوز

(1) نقله أبو داود في كتاب الصلاة 1: 363 بسنده عن أبي هريرة قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى: الظهر أو العصر، قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يديه عليها، أحداهما على الأخرى، يعرف في وجهه الغضب، ثم خرج سرعان الناس، وهم يقولون: قصرت الصلاة! قصرت الصلاة! وفى الناس أبو بكر وعمر، فهاباه أن يكلماه، فقام رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميه ذا اليدين، فقال: يا رسول، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال:
" لم أنس ولم تقصر الصلاة "، قال: بل نسيت يا رسول الله، وأقبل رسول الله على القوم فقال:
" أصدق ذو اليدين "؟ فأومئوا: أي نعم، فرجع رسول الله إلى مقامه فصلى الركعتين الباقيتين ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع فكبر ".
(١٩)
التالي
الاولى ١
٣٠٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 90 - تتمة الخطبة المعروفة بخطبة الأشباح 2
2 القول في عصمة الأنبياء وفيها ثلاثة فصول: 6
3 الفصل الأول في حال الأنبياء قبل البعثة ومن الذي يجوز أن يرسله الله تعالى للعباد 7
4 الفصل الثاني في عصمة الأنبياء زمن النبوة في أفعالهم وتروكهم عدا ما يتعلق بتبليغ الوحي والفتوى في الأحكام 10
5 الفصل الثالث في خطئهم في التبليغ والفتاوى 17
6 91 - من كلام له عليه السلام لما أراده الناس على البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه 32
7 فصل فيما كان من أمر طلحة والزبير عند قسم المال 34
8 92 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها ما كان من تغلبه على فتنة الخوارج وما يصيب الناس من بني أمية 43
9 فصل في ذكر أمور غيبية أخبر بها الإمام ثم تحققت 46
10 93 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها حال الأنبياء 62
11 94 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها حال الناس عند البعثة 65
12 95 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم الله وتمجيده ثم ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم والثناء عليه 66
13 96 - من كلامه له عليه السلام في توبيخ أصحابه على التباطؤ عن نصرة الحق 69
14 97 - من كلامه له عليه السلام في وصف بني أمية وحال الناس في دولتهم 77
15 98 - من خطبة له عليه السلام في وصف الدنيا 79
16 99 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها محمدا صلى الله عليه وما تركه في أصحابه من سنته 83
17 أقوال مأثورة في مدح الأناة وذم العجلة 85
18 فصل في مدح قلة الكلام وذم كثرته 86
19 100 - من خطبة له عليه السلام وهي من الخطب التي تشتمل على ذكر الملاحم 95
20 101 - من خطبة له أخرى عليه السلام تجرى هذا المجرى 101
21 102 - من خطبة له عليه السلام في التزهيد ووصف الناس في بعض الأزمان 104
22 103 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها حال الناس قبل البعثة وما صاروا إليه بعدها 113
23 104 - من خطبة له عليه السلام ذكر فيها كلاما في شأن أهل البيت وأمر بني أمية معهم 116
24 هزيمة مروان بن محمد في موقعة الزاب ثم مقتله بعد ذلك 120
25 شعر عبد الله بن عمرو العبلي في رثاء قومه 122
26 أنفة ابن مسلمة بن عبد الملك 123
27 مما قيل من الشعر في التحريض على قتل بني أمية 124
28 أخبار متفرقة في انتقال الملك من بني أمية إلى بني العباس 127
29 105 - من خطبة له عليه السلام في وصف الإسلام وسمو شرائعه ثم ذكر النبي صلى الله عليه وذكر أصحابه 170
30 106 - من كلام له عليه السلام يصف بعض أيام صفين 178
31 107 - من خطبة له عليه السلام وهي من خطب الملاحم أيضا 180
32 فصل في التقسيم وما ورد في ذلك من الشعر 183
33 108 - من خطبة له في تمجيد الله ووصف ملائكته 193
34 فصل في الكلام على الالتفات 195
35 موازنة بين كلام الإمام علي وخطب ابن نباتة 210
36 109 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها فرائض الإسلام 220
37 110 - من خطبة له عليه السلام في وصف الدنيا 225
38 111 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها ملك الموت وتوفية الأنفس 236
39 فصل في التخلص وسياق كلام للشعراء فيه 238
40 فصل في الاستطراد وإيراد شواهد للشعراء فيه 240
41 112 - من خطبة له عليه السلام في الحض على التقوى وذكر أوصاف الدنيا والفرق بينها وبين الآخرة 249
42 114 - من خطبة له عليه السلام في الاستسقاء وصلاة الاستسقاء وآدابها 261
43 أخبار وأحاديث في الاستسقاء 269
44 115 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم ما حجب عن الناس وكشف له والإخبار بما سيكون من أمر الحجاج الثقفي 275
45 116 - من كلامه له عليه السلام في التوبيخ على البخل ودعوة أصحابه لنصرته 281
46 117 - من كلامه له عليه السلام في حث أصحابه على مناصحته 283
47 118 - من كلام له عليه السلام وقد جمع له أصحابه فحضهم على الجهاد وأثار المحبة فيهم 284
48 119 - من كلام له عليه السلام في وصف نفسه والحث على الاستقامة والتحذير من النار والحث على طلب الحمد 287
49 120 - من كلام له عليه السلام في احتجاجه على الخوارج 290
50 121 - من كلامه له عليه السلام في التحكيم 296
51 122 - من كلام له عليه السلام قاله لأصحابه في ساعة الحرب 299
52 123 - من كلامه له عليه السلام في توبيخ أصحابه ووصفهم بالجبن وحثهم على الجرأة والتقحم 303