سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٥٥
السابق
ومن ذلك ما حكاه الله عن إسماعيل (عليه السلام) في قصة الذبح قال تعالى: " فبشرناه بغلام حليم * فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " (1).
وصدر كلامه وإن كان من أدبه مع أبيه إلا أن الذيل فيما بينه وبين ربه على أن التأدب مع مثل إبراهيم خليل الله (عليه السلام) تأدب مع الله تعالى.
وبالجملة لما ذكر له أبوه ما رآه في المنام، وكان أمرا إلهيا بدليل قول إسماعيل: " افعل ما تؤمر " أمره أن يرى فيه رأيه، وهو من أدبه (عليه السلام) مع ابنه فقال له إسماعيل: " يا أبت افعل ما تؤمر... الخ " ولم يذكر أنه الرأي الذي رآه هضما لنفسه وتواضعا لأبيه كأنه لا رأي له قبال رأيه، ولذلك صدر القول بخطابه بالأبوة. ولم يقل: " إن شئت فافعل ذلك " ليكون مسألته القطعية تطييبا لنفس أبيه، ولأنه ذكر في كلامه أنه أمر امر به إبراهيم، ولا يتصور في حق مثله أن يتروى أو يتردد في فعل ما امر به دون أن يمتثل أمر ربه.
ثم في قوله: " ستجدني إن شاء الله من الصابرين " تطييب آخر لنفس أبيه، وكل ذلك من أدبه مع أبيه (عليهما السلام).
وقد تأدب مع ربه إذ لم يأت بما وعده إياه في صورة القطع والجزم دون أن استثنى بمشيئة الله، فإن في القطع من غير تعليق الأمر بمشيئة الله شائبة دعوى الاستقلال في السببية، ولتخل عنها ساحة النبوة، وقد ذم الله لذلك قوما إذ قطعوا أمرا ولم يعلقوا كما قال في قصة أصحاب الجنة: " إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين * ولا يستثنون " (2) وقد أدب الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله) في كتابه بأن يستثني في قوله تأديبا بكناية عجيبة إذ قال: " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله " (3).
ومن ذلك ما حكاه الله عن يعقوب (عليه السلام) حين رجع بنوه من مصر وقد تركوا

(١) الصافات: ١٠١ و ١٠٢.
(٢) القلم: ١٧ و ١٨.
(٣) الكهف: ٢٣ و 24.
(٥٥)
التالي
الاولى ١
٤١٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 94
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 113
7 الملحقات (106 أحاديث) 123
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 141
9 الملحقات (21 حديثا) 147
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 152
11 الملحقات (22 حديثا) 156
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 161
13 الملحقات (16 حديثا) 168
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 172
15 الملحقات (16 حديثا) 175
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 179
17 الملحقات (10 أحاديث) 181
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 185
19 الملحقات (32 حديثا) 188
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 195
21 الملحقات (48 حديثا) 207
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 215
23 الملحقات (7 أحاديث) 219
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 222
25 الملحقات (22 حديثا) 226
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 232
27 الملحقات (11 حديثا) 235
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 239
29 الملحقات (5 أحاديث) 242
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 244
31 الملحقات (6 أحاديث) 248
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 251
33 الملحقات (3 أحاديث) 254
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 256
35 الملحقات (74 حديثا) 273
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 287
37 الملحقات (17 حديثا) 292
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 296
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 299
40 الملحقات (6 أحاديث) 301
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 304
42 الملحقات (15 حديثا) 308
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 312
44 الملحقات (52 حديثا) 332
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 351
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 355
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 359