سنن النبي (ص) - السيد الطباطبائي - الصفحة ٤٥
السابق
الشر ويجلب به الخير، فالربوبية هي الصفة الكريمة يربط العبد بالله سبحانه.
ثم ذكرا الشر الذي يهددهما بظهور آياته وهو الخسران - كأنهما اشتريا لذة الأكل بطاعة الإرشاد الإلهي، فبان لهما أن سعادتهما قد أشرفت بذلك على الزوال في الحياة، وذكرا حاجتهما إلى ما يدفع هذا الشر عنهما، فقالا: " وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " أي إن خسران الحياة يهددنا وقد أطل بنا وما له من دافع إلا مغفرتك للذنب الصادر عنا وغشيانك إيانا بعد ذلك برحمتك وهي السعادة، لما أن الإنسان بل كل موجود مصنوع يشعر بفطرته المغروزة أن من شأن الأشياء الواقعة في منزل الوجود ومسير البقاء أن تستتم ما يعرضها من النقص والعيب، وأن السبب الجابر لهذا الكسر هو الله سبحانه وحده فهو من عادة الربوبية.
ولذلك كان يكفي مجرد إظهار الحال وإبراز ما نزل على العبد من مسكنة الحاجة، فلا حاجة إلى السؤال بلفظ بل في بدو الحاجة أبلغ السؤال وأفصح الاقتراح.
ولذلك لم يصرحا بما يسألانه ولم يقولا: " فاغفر لنا وارحمنا " ولأنهما - وهو العمدة - أوقفا أنفسهما بما صدر عنهما من المخالفة موقف الذلة والمسكنة التي لا وجه معها ولا كرامة، فنتجت لهما التسليم المحض لما يصدر في ذلك من ساحة العزة ومن الحكم، فكفا عن كل مسألة واقتراح، غير أنهما ذكرا أنه ربهما، فأشارا إلى ما يطمعان فيه منه مع اعترافهما بالظلم.
فكان معنى قولهما: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ": أسأنا فيما ظلمنا أنفسنا فأشرفنا بذلك على الخسران المهدد لعامة سعادتنا في الحياة، فهو ذا الذلة والمسكنة أحاطت بنا، والحاجة إلى إمحاء وسمة الظلم وشمول الرحمة شملتنا، ولم يدع ذلك لنا وجهة ولا كرامة نسألك بها، فها نحن مسلمون لحكمك أيها الملك العزيز، فلك الامر ولك الحكم، غير أنك ربنا ونحن مربوبان لك، نأمل منك ما يأمله مربوب من ربه.
ومن أدبهم ما حكاه الله تعالى من دعوة نوح (عليه السلام) في ابنه: " وهي تجري بهم
(٤٥)
التالي
الاولى ١
٤١٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 5
2 مقدمة ثانية 33
3 كلام في معنى الأدب 35
4 مقدمة العلامة الطباطبائي (قدس سره) 92
5 الباب الأول: في شمائله وجوامع أخلاقه (صلى الله عليه وآله) (49 حديثا) 94
6 الباب الثاني: في معاشرته (صلى الله عليه وآله) مع الناس (36 حديثا) 113
7 الملحقات (106 أحاديث) 123
8 الباب الثالث: في النظافة وأحكام الزينة (34 حديثا) 141
9 الملحقات (21 حديثا) 147
10 الباب الرابع: في السفر وآدابه (11 حديثا) 152
11 الملحقات (22 حديثا) 156
12 الباب الخامس: في آداب اللباس وما يتعلق به (18 حديثا) 161
13 الملحقات (16 حديثا) 168
14 الباب السادس: سننه (صلى الله عليه وآله) في المساكن (5 أحاديث) 172
15 الملحقات (16 حديثا) 175
16 الباب السابع: في آداب النوم والفراش (3 أحاديث) 179
17 الملحقات (10 أحاديث) 181
18 الباب الثامن: في آداب النكاح والأولاد (9 أحاديث) 185
19 الملحقات (32 حديثا) 188
20 الباب التاسع: في الأطعمة والأشربة وآداب المائدة (52 حديثا) 195
21 الملحقات (48 حديثا) 207
22 الباب العاشر: في آداب الخلوة ولواحقها (9 أحاديث) 215
23 الملحقات (7 أحاديث) 219
24 الباب الحادي عشر: في الأموات وما يتعلق بها (11 حديثا) 222
25 الملحقات (22 حديثا) 226
26 الباب الثاني عشر: في آداب المداواة (3 أحاديث) 232
27 الملحقات (11 حديثا) 235
28 الباب الثالث عشر: في السواك (7 أحاديث) 239
29 الملحقات (5 أحاديث) 242
30 الباب الرابع عشر: في آداب الوضوء (8 أحاديث) 244
31 الملحقات (6 أحاديث) 248
32 الباب الخامس عشر: في آداب الغسل (6 أحاديث) 251
33 الملحقات (3 أحاديث) 254
34 الباب السادس عشر: في آداب الصلاة (60 حديثا) 256
35 الملحقات (74 حديثا) 273
36 الباب السابع عشر: في آداب الصوم (17 حديثا) 287
37 الملحقات (17 حديثا) 292
38 الباب الثامن عشر: في آداب الاعتكاف (3 أحاديث) 296
39 الباب التاسع عشر: في الصدقة (3 أحاديث) 299
40 الملحقات (6 أحاديث) 301
41 الباب العشرون: في قراءة القرآن (8 أحاديث) 304
42 الملحقات (15 حديثا) 308
43 الباب الحادي والعشرون: في الدعاء وآدابه (59 حديثا) 312
44 الملحقات (52 حديثا) 332
45 ملحقات في الحج (12 حديثا) 351
46 ملحقات في النوادر (18 حديثا) 355
47 ملحقات باب الشمائل (81 حديثا) 359