بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٨ - الصفحة ١٣٩
السابق
فيها القمر، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الريح السوداء، والريح الحمراء، والريح الصفراء، وفي اليوم والليلة التي تكون فيها الزلزلة.
ولقد بات رسول الله صلى الله عليه وآله عند بعض نسائه في ليلة انكسف فيها القمر فلم يكن في تلك الليلة ما يكون منه في غيرها حتى أصبح، فقالت له: يا رسول الله البغض هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة، فكرهت أن أتلذذ وألهو فيها، وقد عير الله تعالى أقواما في كتابه فقال: " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم - فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون " ثم قال أبو جعفر عليه السلام: وأيم الله لا يجامع أحد فيرزق ولدا فيرى في ولده ذلك ما يحب.
وقد مر تفسير ساير الآيات، والغرض من إيرادها بيان أنها من آيات الساعة (1)

(١) ومن الآيات التي تتعلق بالباب، بل هي أساس الحكم لصلاة الآيات قوله عز من قائل: " اقتربت الساعة وانشق القمر " إلى آخر السورة حيث يجعل انشقاق القمر من دلائل قرب الساعة ويعده آية، ثم يردفها بآية الطوفان لقوم نوح، والريح الصرصر لقوم عاد، والصيحة لقوم ثمود، وأمطار الحصباء لقوم لوط، واغراق اليم لآل فرعون، ويعد كل واحدة منها آية للعذاب على حدة.
وإنما كان انشقاق القمر من علامات الساعة، لان الساعة - على ما يظهر من تضاعيف آيات الله - إنما تقوم بطريان هذه الاحداث: ينفجر القمر ويتصدع صخورها وجبالها فيتخلى ما فيها من موادها المذابة ترى وردة كالدهان: تارة أحمر وأخرى أصفر وأزرق كما قال عز وجل: " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان "، كما أن الأرض إنما تقوم الساعة عليها كذلك قال الله عز وجل: " إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت " الانشقاق: ١ - ٥، ولا تحصل ذلك بالأرض الا بصيحة قارعة تقرع الاسماع كما قال عز وجل: " القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة: يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش " وإنما كان انشقاق القمر دليلا على اقتراب الساعة، لان انفجاره وانفطاره لا يكون الا بتقشف قشره بأن تنحبس الغازات الملتهبة من مواد مذابها وتتكثف إلى أن تغلب على مقاومة القشر فتخرج بانفجار وتصدع وزلزلة ورجة في أرضها وصيحة ودخان وأحيانا اشتعال نار في جوها المحيط بها، الا أن تلك الحوادث تكون خفيفة عندما كان تقشف القشر يسيرا وأما إذا مضى برهة من الدهر وصار التقشف والتحجر في سطحها ضخيمة، تكون تلك الحوادث شديدة بحيث قد يتصدع الكرة فلقتين كما كان من انشقاق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبر به القرآن الكريم. فإذا مر على ذلك أيضا برهة من الدهر بحيث تصلب سطح القمر ولم يقدر الغازات الملتهبة أن يصدعه ويخرج من خلاله، تنحبس الغازات بشدة وتتكثف ثم تتكثف إلى أن يوحى الله عز وجل إليه بالانصداع، فينصدع ويتخلى بما فيها لشدة الانفجار، كما قال عز وجل بالنسبة إلى الأرض: " يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها ".
فإذ قد مضى البرهة الأولى وتصدع القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو نبي آخر الزمان فكأنها قدمت رجلا واقتربت إلى أجلها، فكم عسى أن يكون مدى البرهة الثانية؟
يسئلونك عن الساعة أيان مرساها، قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها الا هو، ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم الا بغتة، يسئلونك كأنك حفى عنها، قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأما فقه الآيات:
فقد تكرر في تضاعيف السورة قوله عز وجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " أربع مرات وهي الآيات ١٧ و ٢٢ و ٣٢ و ٤٠.
ومعنى تيسير القرآن للذكر، على ما مر في ج ٨٥ ص ٤، أن القرآن قد جعل ذا قطعات مختلفة تلتئم كل قطعة في حد نفسه بحيث يتداعى قراءة الآية الأولى منها ذكرى الآية الثانية وهكذا، فيسهل ذكرها وقراءتها من حفظ، ومصداق هذه القطعات في هذه السورة عند تمام قوله عز وجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " وفي سائر السور الكريمة عندما يتم مفاد جملة منها بعد جملة على حد ما كان ينزل على نبي الله صلى الله عليه وآله نجوما: نجما نجما.
ومفاد قوله عز وجل " فهل من مدكر " الترغيب في الصلاة، فان تيسير القراءة إنما كان لأجل حفظ القرآن وقراءته في الصلاة من ذكر، ولذلك سن رسول الله صلى الله عليه وآله عند وقوع احدى الآيات المذكورة: انشقاق القمر، (وهي من آيات الساعة، فتكون سائر الآيات التي تكون علما للساعة مثله على ما عرفت في صدر الكلام، من خسوف القمر و الشمس وزلزلة الأرض) وهكذا الطوفان والريح الصرصر والصيحة السماوية وأمطار الحصباء وفيضان اليم بالاغراق (مما يكون فيه العذاب الإلهي) صلاة، وجعل في كل ركعة منها خمس ركوعات: أربعا منها عند قراءة قوله عز وجل " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " والخامسة عند تمام السورة كملا على ما هو المعهود المسنون من اقتضاء كل سورة ركعة بعدها سجدتان.
فعلى هذا، إنما يجوز تقسيم سائر السور خمس قطعات في هذه الصلاة - صلاة الآيات - إذا كان على وجه ينطبق عليه قوله عز وجل: " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر " حيث كررها عند تمام جملة بعد جملة: قصة نوح ثم قصة هود ثم قصة صالح ثم قصة لوط فكل قطعة من سورة واحدة تم بحثها ومفادها جملة واحدة من حيث الصدر والذيل، كانت قصصا أو لم تكن، جاز قراءتها في صلاة الآيات والركوع بعدها، لكنه يجب عليه أن يتم السورة قبل الركوع الخامس ليصح له بعد ذلك سجدتان.
(١٣٩)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 * الباب الثاني * أدعية عيد الفطر وزوايد آداب صلاته وخطبها 3
3 الدعاء بعد صلاة الفجر يوم الفطر 3
4 الغسل في يوم الفطر والدعاء عند التهيأ للخروج إلى صلاة العيد 7
5 تفسير الحروف المفتتح بها السور، وفي الذيل ما يناسب المقام 12
6 الدعاء عند استفتاح الخروج للصلاة 18
7 الدعاء قبل الصلاة وبعدها، ومعنى بعض لغات الدعاء 22
8 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام يوم الفطر 31
9 توضيح وشرح للخطبة وإشارة إلى موارد الاختلاف 34
10 بحث في معنى الأرض، والسماوات السبع 37
11 * الباب الثالث * أدعية عيد الأضحى وبعض آداب صلاته وخطبها 49
12 الدعاء في صبيحة يوم النحر بعد الغسل ولبس أنظف الثياب 49
13 الدعاء عند الخروج من المنزل إلى المصلى 52
14 الدعاء في الطريق والجلوس في مكان الصلاة 53
15 معاني بعض لغات الدعاء 55
16 كيفية صلاة العيد 62
17 الدعاء بعد صلاة العيد 65
18 الدعاء في يوم العيد الأضحى 71
19 الدعاء بعد الانصراف من الصلاة 78
20 شرح وتوضيح للدعاء وبيان معاني لغاته 88
21 قصة الدجال وأنه المسيح الكذاب 94
22 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام في يوم الأضحى، والتكبير فيه 101
23 * الباب الرابع * عمل ليلتي العيدين ويومهما وفضلهما والتكبيرات فيهما وفى أيام التشريق... 114
24 في التكبير وكيفيته 118
25 الصلاة في ليلة الفطر والدعاء بعدها 122
26 في أن التكبير في العيدين واجب، والتكبير في أيام التشريق 130
27 * الباب الخامس * النوادر، وفيه: 4 - أحاديث 136
28 فيما نادى مناد من قبل الله بعد شهادة الحسين (ع) وأن العامة لا يوفقون لصوم ولا فطر 136
29 * الباب السادس * صلاة الكسوف والخسوف والزلزلة والآيات، وفيه: آيات، و: 40 - حديثا 139
30 في الذيل تحقيق في مؤلف كتاب الاختصاص 140
31 كيفية صلاة الآيات، وفي الذيل بحث للمقام 141
32 في قراءة السورة في صلاة الآيات 144
33 في صلاة الآيات بالجماعة، وقصة ذي القرنين، وعلة الزلزلة 148
34 في أن الرياح كانت على أربعة: الشمال، والجنوب، والدبور، والصبا 150
35 العلة التي من أجلها جعلت للكسوف صلاة، وجعلت عشر ركعات 154
36 * أبواب * * ساير الصلوات المسنونات والمندوبات * * أبواب * * الصلوات المنسوبة إلى المكرمين وما يهدى إليهم * * والى ساير المؤمنين وفيها: 3 - أبواب * * الباب الأول * صلاة النبي والأئمة عليهم السلام وفيه: 12 - حديثا 171
37 صلاة النبي صلى الله عليه وآله والدعاء بعدها، وفيها بيان 171
38 صلاة أمير المؤمنين (ع) والقول بأنها صلاة فاطمة عليها السلام والدعاء بعدها وشرحها 173
39 صلاة أخرى لعلي عليه السلام والدعاء بعدها 180
40 صلاة فاطمة عليها السلام والتسبيحات والدعاء بعدها 182
41 صلاة أخرى لها عليها السلام للامر المخوف العظيم 185
42 صلاة الحسن بن علي عليهما السلام والدعاء بعدها 187
43 صلاة الحسين بن علي عليهما السلام والدعاء بعدها 188
44 صلاة الإمام زين العابدين ودعاءه عليه السلام 189
45 صلاة الإمام الباقر ودعاءه (ع)، وصلاة الإمام الصادق ودعاءه (ع)... 190
46 صلاة الإمام الرضا ودعاءه عليه السلام، وصلاة الإمام الجواد ودعاءه عليه السلام... 191
47 صلاة الإمام العسكري ودعاءه عليه السلام، وصلاة الحجة المنتظر (عج) 192
48 في صلاة النبي والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين 193
49 * الباب الثاني * فضل صلاة جعفر بن أبي طالب عليهما السلام وصفتها واحكامها، وفيه: 14 - حديثا 195
50 في صلاة جعفر رضي الله تعالى عنه والدعاء بعدها 195
51 في صلاة جعفر، وأفضل أوقاتها، وحكم السهو فيها 207
52 تفصيل وتبيين في التسليم والتسبيح وترتيبه والأقوال في القراءة في صلاة... 214
53 * الباب الثالث * الصلوات التي تهدى إلى النبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين... 217
54 في أن من جعل ثواب صلاته لرسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعده... 217
55 فيما تهديه إلى الأئمة وفاطمة عليهم السلام وصلاة الهدية 218
56 الصلاة بعد دفن الميت وصلاة ليلة الدفن 220
57 صلاة الوالد لولده، وصلاة الولد لوالديه 222
58 * أبواب * * الاستخارات وفضلها وكيفياتها وصلواتها * * ودعواتها، وفيها: 8 - أبواب * * الباب الأول * ما ورد في الحث على الاستخارة والترغيب فيها والرضا والتسليم بعدها 224
59 عن الصادق (ع): يقول الله عز وجل: من شقاء عبدي أن يعمل الاعمال ولا يستخير بي 224
60 * الباب الثاني * الاستخارة بالرقاع 228
61 من طرايف الاستخارات وعجايبها 234
62 * الباب الثالث * الاستخارة بالبنادق 237
63 الاستخارة عن مولانا الحجة عجل الله تعالى فرجه 241
64 * الباب الرابع * الاستخارة والتفأل بالقرآن 243
65 * الباب الخامس * الاستخارة بالسبحة والحصا 249
66 * الباب السادس * الاستخارة بالاستشارة 254
67 فيمن أراد أن يشترى أو يبيع أو يدخل في أمر، وحدود المشورة 254
68 * الباب السابع * الاستخارة بالدعاء فقط من غير استعمال عمل يظهر به الخير أو استشارة أحد... 258
69 دعاء الاستخارة بعد صلاتها 272
70 * الباب الثامن * النوادر 287
71 في جواز الاستخارة للغير 287
72 من أراد أن يرى في منامه كلما أراد 288
73 * أبواب * * الصلوات التي يتوصل بها إلى حصول المقاصد * * والحاجات سوى ما مر في أبواب الجمعة والاستخارات * * الباب الأول * صلاة الاستسقاء وآدابها وخطبها وأدعيتها، وفيه: آيات، وأحاديث 291
74 * الباب الثاني * صلاة الحاجة ودفع العلل والأمراض في ساير الأوقات 343
75 في صلاة صليها موسى بن جعفر عليهما السلام وإطلاقه عن الحبس 344
76 فيمن كان له دينا أو من ظلمه 348
77 صلاة العفو، وحديث النفس، والاستغفار، والكفاية، والفرج 356
78 صلاة المكروب، والاستغاثة بالبتول عليها السلام، والاستغاثة، والغياث... 358
79 صلاة العسرة، والمهمات، والرزق، والدين 360
80 صلاة المظلوم، والمهمات، وطلب الولد 364
81 بحث حول كلمة: سبعين، في سبعين مرة، الآية 366
82 صلاة للذكاء وجودة الحفظ 372
83 صلاة للشفاء من كل علة 373
84 صلوات الأوجاع 375
85 * الباب الثالث * الصلاة والدعاء لمن أراد أن يرى شيئا في منامه 382
86 * الباب الرابع * نوادر الصلاة وهو آخر أبواب الكتاب 384
87 صلاة الدخول في بلد جديد والخروج منه 384
88 صلاة أول ليلة من الشهر، وصلاة من قطع ثوبا جديدا 385