بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٧ - الصفحة ٣٥٣
السابق
ينسبوا هذا القول إليه، مع أنه قد صرح بذلك في كتاب معاني الأخبار حيث قال:
" (باب في معنى الصاع والمد والفرق بين صاع الماء ومده وبين صاع الطعام ومده) " ثم ذكر الروايات الثلاث المتقدمة، والقول باختلاف مقدار الصاع في الموضعين، وإن كان بعيدا لكن من مقام الجمع ليس ببعيد.
بل نقول: الاعتبار والنظر يقتضي الاختلاف (1) إذ معلوم أن الرطل

(1) أقول: قد كان مدار التعامل والتبادل - صدر الاسلام وبعده بكثير - على المكاييل وتعيين المقادير بها، ففي المبادلات المتعارفة اليسيرة كانوا يكتالون بصغارها خصوصا في الرساتيق والقرى، لاعواز الموازين والصنجات عندهم وسهولة الحساب عليهم بالمكاييل دون الموازين، وفى المبادلات الكثيرة يتعاطون بكبارها حتى في المدن ومراكز الصنعة لفقدان الموازين الكبيرة التي تقدر أن تنوء بحمل المآت والألوف.
وكان أصل المقياس على العدد المعروف 12، فاثنا عشر حبة درهم واثنا عشر درهما أقة - وهذه أوزان متعارفة متداولة واثنا عشر أقة جعلت بصورة كيل مصنوع من الفلزات كالكاس و الجام، ويعرف بالرطل، ثم اثنا عشر رطلا مكوك واثنا عشر مكوكا اردبة وهي حجم ذراع مكعبا والذراع قدمان وكل قدم اثنا عشر اينشا، ويكون أربعون أردبة كرا، ومنه قولهم: البر الكر منه بستين درهما، ولكن لا يذهب عليك أن هذه السلسلة تبتنى على الرطل العراقي فقط.
ومن الأصل 12 * 12: جين اثنا عشر عددا والقراصة اثنا عشر جينا، ومثله القدم والشبر اثنا عشر اينشا، والبريد اثنا عشر ميلا وغير ذلك مما لا يحضرني الان.
وهناك مكاييل أخرى من الفروع يتبنى على غير هذا الأصل وقد يتداخل: كالمد رطلان والصاع ثمانية أرطال وستون صاعا وسق ويسمى حمل بعير ووقر حمار، وثمانية مكوك قفيز وستون قفيزا كر إلى غير ذلك.
والمكيال الذي كان متداولا في صدر الاسلام، ويبنون عليه في تكثير مكاييلهم وتكسيرها الرطل، ولم يكن لهم في تقديره ولا مقياسه صنع، لكونهم أميين لا يعرفون الحساب ولا الميزان، ولا صنعة لهم في عمل الظروف وتقديرها ولذلك اختلف معيار الرطل عندهم، واشتبه عليهم معيار سائر المكاييل المبتنية عليه:
تداولت قريش في مكة رطلا بينهم، ولعلهم جاءوا بها من الشام، وتداولت أهل المدينة وهم من مهاجرة اليمن الأولى رطلا آخر بينهم وهو ثلاثة أرباع المكي والمكي رطل وثلث بالمدني، ثم عرفوا في العراق بعد فتحه رطلا آخر وهو نصف الرطل المكي وثلثا الرطل المدني، فالمكي رطلان بالعراقي والمدني رطل ونصف به.
وأما رسول الله صلى الله عليه وآله: اختار الرطل المكي حيث كان يطابق المكيال الطبيعي الفطري وهو ملء الكفين حنطة وشعيرا، وسماه مدا بمناسبة أن الكائل يمد يده بهما إلى المكتال، وهو الذي يشبع نفسا واحدة ليوم وليلة، فقدر به بعض الكفارات ككفارة الاطعام في القسم.
ثم جعل الصاع أربعة أمداد، وهو الذي يشبع عائلة بين العيلتين: من زوج وثلاثة أولاد، فقدر به فطر الصائم، ولا نعلم أن صاعه هذا كان من المكاييل المقدرة قبلا، وهو الذي أشير به في قوله تعالى " نفقد صواع الملك " أو كان عنده صلى الله عليه وآله ظرفا يسع أربعة أمداد فقدره لذلك، وكيف كان، لا ريب أن مده وصاعه صلى الله عليه وآله كان لتقدير الحبوبات، لا للماء كما هو ظاهر.
فمعنى أنه كان صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع: أنه يملا المد ماء ويتوضأ به، ويملا الصاع ماء ويغتسل به، ومعلوم أن الماء يزيد وزنه على الشعير والحنطة بثمن وزنه كما وزنته بل وأكثر، فالمد الشرعي إذا كان للوضوء يزن رطلا وثمنا بالمكي ورطلين وربعا بالعراقي كما عليه الاجماع وإذا كان لكفارة الاطعام يسقط عنه الكسور.
ويدل على ما ذكرناه موثقة سماعة أيضا وقد طرحوها حيث لم يتدبروا فيها فلم يعرفوا وجهها قال: سألته عن الذي يجزى من الماء للغسل فقال: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله بصاع وتوضأ بمد، وكان الصاع على عهده صلى الله عليه وآله خمسة أمداد، وكان المد قدر رطل وثلاث أواق ".
فان المدار في السؤال على مد الوضوء وصاع الغسل، والجواب على طبقه، فان الرطل المذكور فيه هو الرطل المكي، والثلاث أواق بالرطل العراقي لما عرفت أن سلسلة المكاييل 12 * 12 اعتبرت بالعراقي، وهو الذي كان عياره اثنى عشر أقة وأما المكي والمدني فلا يعلم كونهما رطلا الا بالتسمية، ولو كان لهما أصالة ابتنيت عليهما فروع لكان عند الروم واليمان ولم يصل الينا سلسلة مكاييلهم، وهذه الثلاث أواق وإن كان ربع رطل بالعراقي لكنه ثمن رطل بالمدني فيكون مد الوضوء رطل وثمن رطل بالمكي.
ولهذه الدقيقة قال عليه السلام " قدر رطل وثلاث أواق " ولم يقل " قدر رطل و ربع "، ولغفلة البزنطي - رحمه الله - من هذه الدقيقة وتعويله على حديث سماعة قال: بأن المد رطل وربع، فعد شاذا.
وأما كون صاع النبي حين يغتسل خمسة أمداد كما في الموثقة وضعيفة المروزي، فعلى هذا الحساب ينقص بنصف رطل تقريبا، بمعنى أن صاع النبي كان يسع من الماء أربعة أمداد ونصفا لا خمسة أمداد، فإن كان ورود ذلك على التسامح، صح حمل كلام الصدوق رحمه الله على ما حمله المؤلف العلامة ههنا، وإن كان على التحقيق والتدقيق كان محمولا على ما حمله والده رحمه الله من أن كان له صلى الله عليه وآله صاعا يسع خمسة أمداد يغتسل هو مع بعض نسائه.
وأما الروايات الواردة في تعيير المد والصاع بوزن الدرهم والمثقال، فبعضها واردة على مد الوضوء وصاع الغسل، وبعضها على مد الطعام وصاع الفطرة ولا بد أن يتحرر وليس هنا موضعه، والأحسن أن نعمد إلى ملء الكفين فنفرغه في اناء ونحدده ليكون مدا للطعام ثم نملأها إلى هذا الحد ماء ونتوضأ به، وهكذا في الصاع، والامر فيه تابع للسنة والفطرة معا كما عرفت.
(٣٥٣)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 * خطبة الكتاب * * كتاب الطهارة * * أبواب المياه واحكامها * * الباب الأول * طهورية الماء، وفيه: آيات، و: أحاديث 4
3 تفسير الآيات وقصة رجل من الأنصار الذي استنجى بالماء 4
4 معنى الطهور 8
5 في أن الماء يطهر، وما قاله شيخنا بهاء الدين العاملي قدس سره 10
6 * الباب الثاني * * ماء المطر وطينه * 13
7 * الباب الثالث * حكم الماء القليل وحد الكثير وأحكامه وحكم الجاري 16
8 في الحمامة والدجاجة وأشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماء 16
9 حكم غدير الماء 19
10 الكر وحده، وفيه تحقيق وتفصيل 20
11 الغدير وحكمه 23
12 * الباب الرابع * حكم البئر وما يقع فيها 25
13 في نزح ماء البئر 25
14 * الباب الخامس * البعد بين البئر والبالوعة 33
15 البعد بين البئر والبالوعة، وفيه توضيح وتنقيح 33
16 * الباب السادس * حكم الماء الحمام 36
17 في أنه لو تنجس الحياض الصغار هل تطهر بمجرد الاتصال أم يعتبر فيه الامتزاج، و في ذيل الصفحة ما يتعلق بالمقام 37
18 الأقوال في غسالة الحمام 39
19 * الباب السابع * * المضاف وأحكامه * 41
20 في ماء الورد والقرع والرياحين والعصير وغيره، وفيه بيان، وفي ذيل الصفحة ما يناسب ذلك 41
21 * (أبواب) * * الأسئار وبيان اقسام النجاسات واحكامها * * الباب الأول * أسئار الكفار وبيان نجاستهم وحكم ما لاقوه، وفيه: آيات، و: أحاديث 44
22 بحث حول طهارة أهل الكتاب ونجاستهم، وفي الذيل ما يتعلق به 44
23 في ثوب النصارى والمجوس واليهودي 48
24 في الأكل والشرب مع الكفار 51
25 * الباب الثاني * سؤر الكلب والخنزير والسنور والفارة وأنواع السباع وحكم ما لاقته رطبا أو يابسا 56
26 في كيفية تطهير الاناء من ولوغ الكلب 56
27 في ثوب الانسان إذا أصابه كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فارة أو وزغة 59
28 الأقوال في النضح 62
29 * الباب الثالث * سؤر المسوخ والجلال وآكل الجيف 68
30 المسوخ ثلاثة عشر وسبب المسخ 68
31 الأقوال في فم الهرة إذا تنجس 70
32 * الباب الرابع * سؤر العظاية والحية والوزغ وأشباهها مما ليست له نفس سائلة 72
33 * الباب الخامس * سؤر ما لا يؤكل لحمه من الدواب وفضلات الانسان 74
34 الأقوال في تبعية السؤر للحيوان في الطهارة 74
35 * أبواب النجاسات والمطهرات واحكامها * * الباب الأول * نجاسة الميتة وأحكامها وحكم الجزء المبان من الحي والاجزاء الصغار المنفصلة عن الانسان وما يجوز استعماله من الجلود 76
36 في طهارة ما ينفصل من بدن الانسان من الاجزاء الصغيرة 76
37 بيان في كون السباع قابلة للتذكية، والاستصباح بالدهن النجس 78
38 * الباب الثاني * حكم ما يؤخذ من سوق المسلمين ويوجد في أرضهم، وفيه: 6 - أحاديث 84
39 * الباب الثالث * نجاسة الدم وأقسامه وأحكامه 86
40 بيان في دم القروح والجروح وحدهما 86
41 تحقيق وتفصيل في العفو عما دون الدرهم 89
42 الدمل الذي يسيل منه القيح 92
43 * الباب الرابع * نجاسة الخمر وساير المسكرات والصلاة في ثوب أصابته، وفيه: آية، و: أحاديث 95
44 القائلون بنجاسة الخمر واستدلالهم 96
45 علة الرخصة في الصلاة في ثوب أصابه خمر وودك الخنزير 100
46 * الباب الخامس * نجاسة البول والمنى وطريق تطهيرهما وطهارة الوذي وأخواتها 102
47 البحث في بول الرضيع 103
48 في المذي وطهارته ونجاسته 104
49 الدليل على نجاسة المني 107
50 * الباب السادس * أحكام سائر الأبوال والأرواث والعذرات ورجيع الطيور 109
51 في بول ما يؤكل لحمه 109
52 تنقيح وتوضيح في نجاسة البول والغائط ما لا يؤكل لحمه 113
53 * الباب السابع * ما اختلف الاخبار والأقوال في نجاسته، وفيه: آية، و: أحاديث 115
54 معنى قوله عز اسمه: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " وفيه تحقيق وما يناسب وما يتعلق بالمقام 115
55 في أن الحديد طاهر، والاختلاف في سؤر الحايض 117
56 عرق الجنب من الحلال والحرام 119
57 * الباب الثامن * حكم المشتبه بالنجس، وبيان أن الأصل الطهارة وغلبته على الظاهر 124
58 في الفأرة الرطبة تمشي على الثياب والفأرة والدجاجة والحمامة وأشباههن تطأ العذرة ثم تطأ الثوب 124
59 في موضع النجاسة إذا اشتبه 128
60 * الباب التاسع * حكم ما لاقى نجسا رطبا أو يابسا 129
61 * الباب العاشر * ما يلزم في تطهير البدن والثياب وغيرها 131
62 الأقوال في التعدد إذا وقع المغسول في الماء الجاري أو الراكد 132
63 * الباب الحادي عشر * أحكام الغسالات 136
64 في غسالة الخبث والمستعمل في الأغسال المندوبة 136
65 بحث في غسالة الوضوء والغسل في ذيل الصفحة 147
66 * الباب الثاني عشر * تطهير الأرض والشمس وما تطهرانه والاستحالة والقدر المطهر منها 149
67 الأقوال في مطهرية الشمس وكيفية التطهير بها 153
68 في الدخان المستحيل من الأعيان النجسة، والطين، والعجين 156
69 * الباب الثالث عشر * أحكام الأواني وتطهيرها 162
70 في دن وحب الخمر 163
71 * أبواب آداب الخلا والاستنجاء * * الباب الأول * علة الغايط ونتنه وعلة نظر الانسان إلى سفله حين التغوط وعلة الاستنجاء 165
72 * الباب الثاني * آداب الخلاء 169
73 في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد الناس توقيا عن البول 170
74 مواضع المنهي عنها للبول 171
75 في قول علي عليه السلام: سبعة لا يقرءون القرآن... 176
76 الدعاء في دخول الخلاء 181
77 تغطية الرأس في الخلاء، وفي ذيل الصفحة ما يناسب 184
78 في أن أول حد من حدود الصلاة هو الاستنجاء وهو أحد عشر 196
79 * الباب الثالث * آداب الاستنجاء والاستبراء 199
80 جرت في البراء بن معرور الأنصاري ثلاث من السنن 199
81 قصة قوم كانوا ينجون بالخبز صبيانهم 204
82 فيمن بال ولم يكن معه ماء 207
83 كيفية الاستنجاء 210
84 * " أبواب الوضوء " * * الباب الأول * ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه 214
85 في أن الوضوء لا ينقض بالمذي والقئ والرعاف والدم 218
86 * الباب الثاني * علل الوضوء وثوابه وعقاب تركه 231
87 العلة التي من أجلها توضأ الجوارح الأربع 231
88 * الباب الثالث * وجوب الوضوء وكيفيته وأحكامه، وفيه: آيات، و: أحاديث 241
89 تفسير قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " وما قاله ابن هشام، وفي الذيل ما يتعلق بذلك 241
90 البحث في مسح الرجلين وغسلهما 249
91 * الباب الرابع * ثواب اسباغ الوضوء وتحديده والكون على طهارة وبيان أقسام الوضوء وأنواعه 303
92 فيما قال الله تعالى لموسى عليه السلام والرسول صلى الله عليه وآله لأصحابه 303
93 في استحباب الوضوء للجماع وبعد الجماع 307
94 * الباب الخامس * التسمية والأدعية المستحية عند الوضوء وقبله وبعده 316
95 العلة التي من أجلها يجب الاستنجاء من البول بالماء 321
96 * الباب السادس * التولية والاستعانة والتمندل 331
97 في كراهية التمندل بعد الوضوء 333
98 * الباب السابع * سنن الوضوء وآدابه من غسل اليد والمضمضة والاستنشاق وما ينبغي من المياه وغيرها 334
99 في الماء الذي تسخنه الشمس والنهي عن الوضوء والغسل والعجين به 337
100 في السواك وفيه عشر خصال 343
101 * الباب الثامن * مقدار الماء للوضوء والغسل وحد المد والصاع 350
102 التحقيق في تحديد الصاع والمد 352
103 في الذيل بحث وتحقيق في المكاييل والمد والصاع 355
104 * الباب التاسع * من نسي أو شك في شئ من افعال الوضوء ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة والعكس ومن يرى بللا بعد الوضوء 360
105 * الباب العاشر * حكم صاحب السلس والبطن، وأصحاب الجباير ووجوب إزالة الحايل عن الماء 366
106 فيمن قطع يده ورجله 366
107 في الجبيرة مفصلا 370
108 في الجرح والكسر 373