بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٨ - الصفحة ٥٩
السابق
ثقل الماء وكثرته ما لا يقدر على صفته، مع ما فيه من الصواعق الصادعة، والبروق اللامعة والرعد والثلج والبرد والجليد مالا تبلغ الأوهام صفته، ولا تهتدي القلوب إلى كنه عجائبه، فيخرج مستقلا في الهواء يجتمع بعد تفرقه، ويلتحم بعد تزايله، تفرقه الرياح من الجهات كلها إلى حيث تسوقه بإذن الله ربها، يسفل مرة ويعلو أخرى متمسك بما فيه من الماء الكثير الذي إذا أزجاه صارت منه البحور، يمر على الأراضي الكثيرة والبلدان المتنائية لا تنقص منه نقطة حتى ينتهي إلى مالا يحصى من الفراسخ فيرسل ما فيه قطرة بعد قطرة، وسيلا بعد سيل، متتابع على رسله حتى ينقع البرك وتمتلئ الفجاج، وتعتلي الأودية بالسيول كأمثال الجبال غاصة بسيولها، مصمخة الآذان لدويها وهديرها، فتحيى بها الأرض الميتة فتصبح مخضرة بعد أن كانت مغبرة ومعيشة بعد أن كانت مجدبة، قد كسبت ألوانا من نبات عشب ناضرة زاهرة مزينة معاشا للناس والانعام. فإذا أفرغ الغمام ماءه أقلع وتفرق وذهب حيث لا يعاين ولا يدرى أين توارى، فأدت العين ذلك إلى القلب أن ذلك السحاب لو كان بغير مدبر وكان ما وصفت من تلقاء نفسه ما احتمل نصف ذلك من الثقل من الماء، وإن كان هو الذي يرسله لما احتمله ألفي فرسخ أو أكثر ولأرسله فيما هو أقرب من ذلك، ولما أرسله قطرة بعد قطرة بل كان يرسله إرسالا فكان يهدم البنيان، ويفسد النبات، ولما جاز إلى بلد وترك آخر دونه، فعرف القلب بالاعلام المنيرة الواضحة أن مدبر الأمور واحد، وأنه لو كان اثنين أو ثلاثة لكان في طول هذه الأزمنة والأبد والدهر اختلاف في التدبير، وتناقض في الأمور، ولتأخر بعض وتقدم بعض، ولكان تسفل بعض ما قد علا، ولعلا بعض ما قد سفل، ولطلع شئ وغاب فتأخر عن وقته أو تقدم ما قبله، فعرف القلب بذلك أن مدبر الأشياء ما غاب منها وما ظهر هو [الله] الأول خالق السماء وممسكها، وفارش الأرض وداحيها، وصانع ما بين ذلك مما عددنا وغير ذلك مما لم يحص.
وكذلك عاينت العين اختلاف الليل والنهار دائبين جديدين لا يبليان في طول كرهما، ولا يتغيران لكثرة اختلافهما، ولا ينقصان عن حالهما، النهار في نوره وضيائه والليل في سواده وظلمته، يلج أحدهما في الآخر حتى ينتهي كل واحد منهما إلى غاية
(٥٩)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 * الباب الثاني والأربعون * حقيقة النفس والروح وأحوالهما 3
3 معنى قوله تعالى: " ويسئلونك عن الروح " 3
4 في ماهية الروح 4
5 في حقيقة الانسان 7
6 معنى قوله تعالى: " نزل به الروح الأمين على قلبك "... 24
7 العلة التي من اجلها سمي الروح روحا 30
8 فيمن قال بتناسخ الأرواح 35
9 الفرق بين الحب والبغض، والرؤيا الصادقة والرؤيا الكاذبة 43
10 بيان في تفسير عليين 46
11 في أن المؤمن لا يكره الموت لأنه يرى النبي وأمير المؤمنين وفاطمة... 50
12 في أن المؤمن ليزور أهله وكذلك الكافر 54
13 فيما كتبه الإمام الصادق عليه السلام في رسالة الإهليلجة 57
14 في أن الأرواح جنود مجندة 66
15 في بيان أقوال الحكماء والصوفية والمتكلمين من الخاصة والعامة في حقيقة النفس والروح 70
16 فيما قاله الصدوق رحمه الله في رسالة العقايد في النفوس والروح، 80
17 فيما قاله الشيخ المفيد رحمه الله في تنعم أصحاب القبور وتعذيبهم 85
18 فيما سئله كميل عن علي عليه السلام بقوله: أريد أن تعرفني نفسي... 86
19 فيما قاله العلامة الحلي والمحقق الطوسي في حقيقة النفس 88
20 رسالة: الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح، 93
21 فيما قاله العلامة المجلسي قدس سره في النفس والروح 106
22 في تعديد خواص النفس الانسانية 124
23 في حد الانسان 126
24 * الباب الثالث والأربعون * في خلق الأرواح قبل الأجساد، وعلة تعلقها بها، وبعض شؤونها من ائتلافها... 133
25 في قول رجل لعلي عليه السلام: والله إني لأحبك، فقال كذبت 133
26 العلة التي من أجلها جعل الله عز وجل الأرواح في الأبدان... 135
27 بحث وتحقيق حول روايات خلق الأرواح قبل الأبدان 143
28 فيما قاله الشيخ المفيد رحمه الله في خلق الأرواح قبل الأجساد 146
29 العلة التي من أجلها يغتم الانسان ويحزن من غير سبب، ويفرح ويسر من غير سبب 147
30 في قول رسول الله (ص): مثل المؤمن في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد... 152
31 * الباب الرابع والأربعون * حقيقة الرؤيا وتعبيرها وفضل الرؤيا الصادقة وعلتها وعلة الكاذبة 153
32 قصة يوسف عليه السلام، وما رآه الملك في المنام 155
33 معنى قوله عز وجل: " وجعلنا نومكم سباتا " 158
34 في امرأة رأت على عهد رسول الله (ص) ثلاث مرات أن جذع بيتها انكسر 166
35 في أن فاطمة (ع) رأت في النوم كأن الحسن والحسين (ع) ذبحا أو قتلا... 168
36 في قول النبي (ص): وقد رأيت أن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري 170
37 الرؤيا التي رآها أمير المؤمنين عليه السلام بكربلا في الحسين عليه السلام 172
38 في الرؤيا التي رآها عبد المطلب في بشارة النبي صلى الله عليه وآله... 173
39 في قول رسول الله (ص): الرؤيا لا تقص إلا على مؤمن خلا من الحسد والبغي 176
40 بيان في أن الرؤيا المؤمن على سبعين جزء من أجزاء النبوة 179
41 في رؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم 186
42 سبب نزول قوله تعالى: " إنما النجوى من الشيطان " 189
43 في قول رسول الله صلى الله عليه وآله: الرؤيا ثلاثة: بشرى من الله،... 193
44 بحث وتحقيق حول مسألة الرؤيا، وانها من غوامض المسائل... 197
45 في سبب المنامات الصادقة والكاذبة 201
46 فيما نقل عن الشيخ المفيد رحمه الله في المنامات 211
47 فيما ذكره أرباب التعبير والتأويل في المنامات 221
48 * الباب الخامس والأربعون * في رؤية النبي (ص) وأوصيائه (ع) وسائر الأنبياء والأولياء في المقام 236
49 في أن الشيطان لا يتمثل في صورة النبي صلى الله عليه وآله 236
50 * الباب السادس والأربعون * قوى النفس ومشاعرها من الحواس الظاهرة والباطنة وسائر القوى البدنية 247
51 احتجاج هشام بن الحكم بعمرو بن عبيد 250
52 فيما قاله الإمام الصادق (ع) للمفضل في الافعال التي جعلت في الانسان... 257
53 فيما ذكره الحكماء في تحقيق القوى البدنية الانسانية 262
54 بحث مفصل وأقوال مختلفة في كيفية الابصار 263
55 في الشامة والذائقة 272
56 في اللامسة، والحواس الباطنة 274
57 * الباب السابع والأربعون * ما به قوام بدن الانسان وأجزائه وتشريح أعضائه ومنافعها وما يترتب عليها... 288
58 في قول الإمام الصادق عليه السلام: قوام الانسان وبقاؤه بأربعة 295
59 في قول الإمام الصادق (ع): عرفان المرء نفسه أن يعرفها بأربع طبائع و... 304
60 فيما جرى بين الإمام الصادق عليه السلام والطبيب الهندي في مجلس المنصور... 309
61 علة المرارة في الاذنين والعذوبة في الشفتين والملوحة في العينين والبرودة في الانف 314
62 فيما قاله الإمام الصادق عليه السلام للمفضل في أعضاء البدن أجمع 322
63 في عشرة كلمة سئلها داود عليه السلام عن سليمان 333