بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢١٤
السابق
العفونات القذرة، قال: وملك ذلك العالم هو روحه، ويجمع عالمه الشر والذميمة و الظلمة.
ثم اختلفت المانوية في المزاج وسببه، والخلاص وسببه، قال بعضهم إن النور والظلام امتزجا بالخبط والاتفاق لا بالقصد والاختيار، وقال أكثرهم: إن سبب الامتزاج أن أبدان الظلمة تشاغلت عن روحها بعض التشاغل فنظرت الروح فرأت الأبدان على ممازجة النور، فأجابتها لاسراعها إلى الشر، فلما رأى ذلك ملك النور وجه إليها ملكا من ملائكته في خمسة أجزاء من أجناسها الخمسة، فاختلطت الخمسة النورية بالخمس الظلامية، فخالط الدخان النسيم، وإنما الحياة والروح في هذا العالم من النسيم، والهلاك والآفات من الدخان، وخالط الحريق النار، والنور الظلمة، والسموم الريح، والضباب الماء. فما في العالم من منفعة وخير وبركة فمن أجناس النور، وما فيه من مضرة وشر وفساد فمن أجناس الظلمة، فلما رأى ملك النور هذه الامتزاج أمر ملكا من ملائكته فخلق هذا العالم على هذه الهيئة ليخلص أجناس النور من أجناس الظلمة، وإنما سارت الشمس والنجوم والقمر لاستصفاء أجزاء النور من أجزاء الظلمة. هذا ما ذكر الشهرستاني من تحقيق مذهبهم مع خرافات آخر نقلها عنهم.
وقال ابن أبي الحديد: قالت المانوية: إن النور لا نهاية له من جهة فوق وأما من جهة تحت فله نهاية، والظلمة لا نهاية لها من جهة أسفل وأما من جهة فوق فلها نهاية، وكان النور والظلمة هكذا قبل خلق العالم وبينهما فرجة، وإن بعض أجزاء النور اقتحم تلك الفرجة لينظر إلى الظلمة فأشرقت الظلمة فأقبل عالم كثير من النور فجاءت الظلمة ليستخلص المأمورين من تلك الأجزاء، (1) وطاعت الحرب واختلط كثير من أجزاء النور بكثير من أجزاء الظلمة، فاقتضى حكمة نور الأنوار وهو الباري سبحانه عندهم أن عمل الأرض من لحوم القتلى، والجبال من عظامهم، والبحار من صديدهم (2) ودمائهم، والسماء من جلودهم، وخلق الشمس والقمر وسيرهما لاستصفاء ما في العالم

(1) وفي نسخة: ليتخلص المأمورين من تلك الأجزاء.
(2) الصديد: القيح المختلط بالدم.
(٢١٤)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 3
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 17
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 18
5 باب 4 توحيد المفضل. 59
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 154
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 200
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 246
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 256
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 259
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 269
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 278
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 285
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 289
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 311