بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢١١
السابق
الحكم، لأنه لا يحتاج إلى الحاكم إلا مغلوب، أو جاهل، أو مظلوم، وهذه مقالة المدقونية (1) والحكاية عنهم تطول.
قال: فما قصة ماني؟ قال: متفحص أخذ بعض المجوسية فشابها ببعض النصرانية، (2) فأخطأ الملتين ولم يصب مذهبا واحدا منهما، وزعم أن العالم دبر من إلهين:
نور وظلمة، وأن النور في حصار من الظلمة على ما حكينا منه فكذبته النصارى وقبلته المجوس. الخبر. (3) توضيح وتحقيق: اعلم أنه عليه السلام أشار في هذا الخبر إلى إبطال مذاهب ثلاث فرق من الثنوية ولنحقق أصل مذاهبهم ليتضح ما أفاده عليه السلام في الرد عليهم.
الأول: مذهب الديصانية وهم أصحاب ديصان، وهم أثبتوا أصلين: نورا و ظلاما، فالنور يفعل الخير قصدا واختيارا، والظلام يفعل الشر طبعا واضطرارا، فما كان من خير ونفع وطيب وحسن فمن النور، وما كان من شر وضر ونتن وقبح فمن الظلام، وزعموا أن النور حي عالم قادر حساس دراك، ومنه تكون الحركة والحياة، والظلام ميت جاهل عاجز جماد موات، لا فعل لها ولا تمييز، وزعموا أن الشر يقع منه طباعا، وزعموا أن النور جنس واحد، وكذلك الظلام جنس واحد، وأن إدراك النور إدراك متفق، وأن سمعه وبصره هو حواسه، وإنما قيل: سميع بصير لاختلاف التركيب لا لأنهما في نفسهما شيئان مختلفان.
وزعموا أن اللون هو الطعم وهو الرائحة وهو المجسة (4) وأنما وجده لونا لان الظلمة خالطته ضربا من المخالطة، ووجده طعما لأنها خالطته بخلاف ذلك الضرب، وكذلك يقول في لون الظلمة وطعمها ورائحتها ومجستها، وزعموا أن النور بياض كله، وأن الظلمة سواد كلها، وزعموا أن النور لم يزل يلقي الظلمة بأسفل صفيحة منه، وأن الظلمة لم تزل تلقاه بأعلى صفيحة منها.

(1) وفي نسخة: وهذه مقالة المرقوبية.
(2) أي زادها ببعض النصرانية.
(3) قال الفيروزآبادي: مجوس كصبور رجل صغير الاذنين وضع ذينا ودعا إليه، معرب " ميج كوش ".
(4) المجس والمجسة: موضع اللمس.
(٢١١)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 3
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 17
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 18
5 باب 4 توحيد المفضل. 59
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 154
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 200
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 246
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 256
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 259
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 269
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 278
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 285
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 289
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 311