بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٧٩
السابق
من الأشخاص التقدم على الجميع كما قيل، أو على أنه عليه السلام كان يعلم أن السائل كان قائلا بذلك فذكره عليه السلام إلزاما عليه كما اعترف به، وعلى الأول يكون المراد بقوله:
لم يزالوا ولا يزالون عدم استنادهم إلى علة، وعلى الثاني فالمراد إما قدم مادتهم أو صورهم أيضا بناءا على القول بالكمون، وعلى الثالث فالمراد قدم نوعهم. قوله عليه السلام:
بعد هذا الفلك أي هي محتاجة إلى الفلك، والفلك متقدمة عليها بالعلية فلا يصح كون النجوم علة لها للزوم الدور. قوله عليه السلام: لم يكن ذرء أي مذروء ومخلوق من الانس.
ثم اعلم أن حاصل استدلاله على ما ظهر لهذا القاصر هو أنه عليه السلام - لما قرر السائل سالفا على أن النجوم ليست خالقة لأنفسها، وآنفا على أنها ليست مخلوقة للناس وغيرها مما يحدث بزعمه بتأثيرها لتأخرها عنها، وعلى أن الأرض أيضا متقدمة على ما عليها من الخلق فلا تكون مخلوقة لما عليها، وعلى أن الفلك لتقدمه على النجوم المتقدمة على الناس لا يجوز كونه مخلوقا لشئ منها - استدل عليه السلام ههنا على أنه لابد أن يكون خالق السماء والأرض وما في السماء من الشمس والقمر والنجوم وما على الأرض من الخلق واحدا.
أما اتحاد خالق الأرض والنجوم فيمكن تقريره بوجهين: الأول: أن الناس محتاجون إلى الأرض كما عرفت، وظاهر أنها من أعظم مصالحهم فالوجدان الصحيح يحكم بأن من خلق شيئا يعد له ما يصلحه، ويهيئ له ما سيحتاج إليه فظهر أنه لابد أن يكون خالق الناس وخالق الأرض واحدا، والناس بزعمك مخلوقون للنجوم ولزمك القول بوجود خالق للنجوم، فلابد من القول بكون الأرض منسوبة إلى خالق النجوم إما بلا واسطة أو بواسطة النجوم أو غيرها فثبت المطلوب.
الثاني: أنا نرى التلازم بين الناس والأرض لحكم العقل بأن كلا منهما يرتفع عند ارتفاع الآخر إذ الظاهر أن غاية خلق الأرض هو الانسان ونحوه وهم محتاجون في أمورهم إليها، وقد تقرر أن المتلازمين إما أن يكون أحدهما علة للآخر، أو كل منهما معلول علة ثالثة، ولا يجوز أن يكون الناس عللا للأرض لما عرفت، ولا معلولة
(١٧٩)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 3
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 17
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 18
5 باب 4 توحيد المفضل. 59
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 154
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 200
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 246
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 256
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 259
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 269
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 278
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 285
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 289
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 311