بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٣٩
السابق
يلذعه بهذه المكاره؟ قيل: إذا كان يكون غير محمود على حسنة يأتيها ولا مستحق للثواب عليها.
فإن قالوا: وما كان يضره أن لا يكون محمودا على الحسنات مستحقا للثواب بعد أن يصير إلى غاية النعيم واللذة؟ قيل لهم: اعرضوا على امرء صحيح الجسم والعقل أن يجلس منعما ويكفى كل ما يحتاج إليه بلا سعي ولا استحقاق، فانظر هل تقبل نفسه ذلك؟ بل ستجدونه بالقليل مما يناله بالسعي والحركة أشد اغتباطا وسرورا منه بالكثير مما يناله بغير الاستحقاق، وكذلك نعيم الآخرة أيضا يكمل لأهله بأن ينالوه بالسعي فيه والاستحقاق له فالنعمة على الانسان في هذا الباب مضاعفة، بأن أعد له الثواب الجزيل على سعيه في هذه الدنيا، وجعل له السبيل إلى أن ينال بسعي واستحقاق فيكمل له السرور والاغتباط بما يناله منه.
فإن قالوا: أوليس قد يكون من الناس من يركن إلى ما نال من خير وإن كان لا يستحقه: فما الحجة في منع من رضي أن ينال نعيم الآخرة على هذه الجملة؟ (1) قيل لهم: إن هذا باب لو صح للناس لخرجوا إلى غاية الكلب والضراوة على الفواحش و انتهاك المحارم، فمن كان يكف نفسه عن فاحشة أو يتحمل المشقة في باب من أبواب البر لو وثق بأنه صائر إلى النعيم لا محالة؟ أو من كان يأمن على نفسه وأهله وماله من الناس لو لم يخافوا الحساب والعقاب؟ فكان ضرر هذا الباب سينال الناس في هذه الدنيا قبل الآخرة، فيكون في ذلك تعطيل العدل والحكمة معا، وموضع للطعن على التدبير بخلاف الصواب ووضع الأمور غير مواضعها.
وقد يتعلق هؤلاء بالآفات التي تصيب الناس فتعم البر والفاجر، أو يبتلي بها البر ويسلم الفاجر منها، فقالوا: كيف يجوز هذا في تدبير الحكيم وما الحجة فيه؟ فيقال لهم:
إن هذه الآفات وإن كانت تنال الصالح والطالح جميعا، فإن الله جعل ذلك صلاحا للصنفين كليهما: أما الصالحون فإن الذي يصيبهم من هذا يردهم (2) نعم ربهم عندهم في سالف

(1) وفي نسخة: على هذه الخلة.
(2) كذا في النسخ والظاهر: يذكرهم.
(١٣٩)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 3
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 17
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 18
5 باب 4 توحيد المفضل. 59
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 154
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 200
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 246
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 256
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 259
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 269
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 278
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 285
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 289
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 311