بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٣٢
السابق
تنهتك وتتمزق فترى الورقة شبيهة بورقة معمولة بالصنعة من خرق قد جعلت فيها عيدان ممدودة في طولها وعرضها لتتماسك فلا تضطرب فالصناعة تحكي الخلقة وإن كانت لا تدركها على الحقيقة.
فكر في هذا العجم والنوى والعلة فيه فإنه جعل في جوف الثمرة ليقوم مقام الغرس إن عاق دون الغرس عائق، كما يحرز الشئ النفيس الذي تعظم الحاجة إليه في مواضع آخر، فإن حدث على الذي في بعض المواضع منه حادث وجد في موضع آخر، ثم بعد يمسك بصلابته رخاوة الثمار ورقتها، ولولا ذلك لتشدخت وتفسخت وأسرع إليه الفساد، وبعضه يؤكل ويستخرج دهنه فيستعمل منه ضروب من المصالح، وقد تبين لك موضع الإرب في العجم والنوى.
فكر الآن في هذا الذي تجده فوق النواة من الرطبة وفوق العجم من العنبة فما العلة فيه؟ ولماذا يخرج في هذه الهيئة؟ وقد كان يمكن أن يكون مكان ذلك ما ليس فيه مأكل كمثل ما يكون في السرو والدلب وما أشبه ذلك، فلم صار يخرج فوقه هذه المطاعم اللذيذة إلا ليستمتع بها الانسان؟.
فكر في ضروب من التدبير في الشجر فإنك تراه يموت في كل سنة موتة، فيحتبس الحرارة الغريزية في عوده ويتولد فيه مواد الثمار ثم تحيى وتنتشر فتأتيك بهذه الفواكه نوعا بعد نوع كما تقدم إليك أنواع الأطبخة (1) التي تعالج بالأيدي واحدا بعد واحد، فترى الأغصان في الشجر تتلقاك ثمارها حتى كأنها تناولكها عن يد، وترى الرياحين تلقاك في أفنانها كأنها تجيئك بأنفسها، فلمن هذا التقدير إلا لمقدر حكيم؟ وما العلة فيه إلا تفكية الانسان بهذه الثمار والأنوار؟ (2) والعجب من أناس جعلوا مكان الشكر على النعمة جحود المنعم بها!.
اعتبر بخلق الرمانة وما ترى فيها من أثر العمد والتدبير فإنك ترى فيها كأمثال التلال من شحم مركوم في نواحيها، وحبا مرصوفا رصفا كنحو ما ينضد بالأيدي (3)

(1) وفي نسخة: كما تقدم إليك أنواع الأخبصة.
(2) وفي نسخة: تفكه الانسان بهذه الثمار والأنوار.
(3) أي كنحو ما يضم بعضه إلى بعض متسقا بالأيدي.
(١٣٢)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 3
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 17
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 18
5 باب 4 توحيد المفضل. 59
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 154
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 200
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 246
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 256
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 259
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 269
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 278
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 285
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 289
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 311