بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١ - الصفحة ١٠٤
السابق
ذلك فضولا (1)، فعلى قياس ما قالوا يمكن أن يكون المراد بالعقل نور النبي (صلى الله عليه وآله) الذي انشعبت منه أنوار الأئمة (عليهم السلام) واستنطاقه على الحقيقة أو بجعله محلا للمعارف الغير المتناهية، والمراد بالامر بالاقبال ترقيه على مراتب الكمال، وجذبه إلى أعلى مقام القرب والوصال، وبإدباره إما إنزاله إلى البدن، أو الامر بتكميل الخلق بعد غاية الكمال فإنه يلزمه التنزل عن غاية مراتب القرب بسبب معاشرة الخلق، ويومى إليه قوله تعالى قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا (2) وقد بسطنا الكلام في ذلك في الفوائد الطريفة. ويحتمل أن يكون المراد بالاقبال الاقبال إلى الخلق، وبالادبار الرجوع إلى عالم القدس بعد إتمام التبليغ، ويؤيده ما في بعض الأخبار من تقديم الادبار على الاقبال. وعلى التقادير فالمراد بقوله تعالى: ولا أكملك، يمكن أن يكون المراد ولا أكمل محبتك والارتباط بك، وكونك واسطة بينه وبيني إلا فيمن أحبه، أو يكون الخطاب مع روحهم و نورهم (عليهم السلام) والمراد بالاكمال إكماله في أبدانهم الشريفة أي هذا النور بعد تشعبه بأي بدن تعلق وكمل فيه يكون ذلك الشخص أحب الخلق إلى الله تعالى وقوله: إياك

(١) بل لأنهم تحققوا أولا أن الظواهر الدينية تتوقف في حجيتها على البرهان الذي يقيمه العقل، والعقل في ركونه واطمينانه إلى المقدمات البرهانية لا يفرق بين مقدمة ومقدمة، فإذا قام برهان على شئ اضطر العقل إلى قبوله، وثانيا أن الظواهر الدينية متوقفة على ظهور اللفظ، و هو دليل ظني، والظن لا يقاوم العلم الحاصل بالبرهان لو قام على شئ. وأما الاخذ بالبراهين في أصول الدين ثم عزل العقل في ما ورد فيه آحاد الاخبار من المعارف العقلية فليس إلا من قبيل إبطال المقدمة بالنتيجة التي تستنتج منها، وهو صريح التناقض - والله الهادي - فإن هذه الظواهر الدينية لو أبطلت حكم العقل لأبطلت أولا حكم نفسها المستند في حجيته إلى حكم العقل.
وطريق الاحتياط الديني لمن لم يتثبت في الأبحاث العميقة العقلية أن يتعلق بظاهر الكتاب و ظواهر الأخبار المستفيضة ويرجع علم حقائقها إلى الله عز اسمه، ويجتنب الورود في الأبحاث العميقة العقلية إثباتا ونفيا اما إثباتا فلكونه مظنة الضلال، وفيه تعرض للهلاك الدائم، وأما نفيا فلما فيه من وبال القول بغير علم والانتصار المدين بما لا يرضى به الله سبحانه، والابتلاء بالمناقضة في النظر.
واعتبر في ذلك بما ابتلي به المؤلف رحمه الله فإنه لم يطعن في آراء أهل النظر في مباحث المبدأ والمعاد بشئ إلا ابتلي بالقول به بعينه أو بأشد منه كما سنشير إليه في موارده، وأول ذلك ما في هذه المسألة فإنه طعن فيها على الحكماء في قولهم بالمجردات ثم أثبت جميع خواص التجرد على أنوار النبي والأئمة (عليهم السلام)، ولم يتنبه أنه لو استحال وجود موجود مجرد غير الله سبحانه لم يتغير حكم استحالته بتغيير اسمه، وتسمية ما يسمونه عقلا بالنور والطينة ونحوهما. ط (2) الطلاق: 11
(١٠٤)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 3
3 مقدمة المؤلف 4
4 مصادر الكتاب 8
5 توثيق المصادر 28
6 رموز الكتاب 48
7 تلخيص الأسانيد 50
8 المفردات المشتركة 59
9 بعض المطالب المذكورة في مفتتح المصادر 64
10 فهرست الكتب 81
11 * (كتاب العقل والعلم والجهل) * باب 1 فضل العقل وذم الجهل، وفيه 53 حديثا. 83
12 باب 2 حقيقة العقل وكيفية وبدء خلقه، وفيه 14 حديثا. 98
13 بيان ماهية العقل. 101
14 باب 3 احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنه يحاسبهم على قدر عقولهم، وفيه خمسة أحاديث. 107
15 باب 4 علامات العقل وجنوده، وفيه 52 حديثا. 108
16 باب 5 النوادر، وفيه حديثان. 163
17 * (كتاب العلم) * باب 1 فرض العلم، ووجوب طلبه، والحث عليه، وثواب العالم والمتعلم، وفيه 112 حديثا. 164
18 باب 2 أصناف الناس في العلم وفضل حب العلماء، وفيه 20 حديثا 188
19 باب 3 سؤال العالم وتذاكره وإتيان بابه، وفيه سبعة أحاديث. 198
20 باب 4 مذاكرة العلم، ومجالسة العلماء، والحضور في مجالس العلم، وذم مخالطة الجهال، وفيه 38 حديثا. 200
21 باب 5 العمل بغير علم، وفيه 12 حديثا. 208
22 باب 6 العلوم التي أمر الناس بتحصيلها وينفعهم، وفيه تفسير الحكمة، وفيه 62 حديثا. 211
23 باب 7 آداب طلب العلم وأحكامه، وفيه 19 حديثا. 223