شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين - ابن ميثم البحراني - الصفحة ٢٢٢
السابق
الثالث - قول النبي صلى الله عليه وآله (1) انك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى الا انك لست بنبي، ولا اشكال ان النبي (ص) كان له اتصال بالحق تعالى والوصول التام الذي وصفناه وكان ذلك الاتصال حاصلا لعلى وإن كان دون درجة النبوة، فان للاتصال بالجناب المقدس درجات لا تتناهى، ولذلك قال: انك لست بنبي.
الرابع - قوله عليه السلام يصف السالكين الواصلين (2):

(1) - هو من أواخر الخطبة القاصعة المروية في نهج البلاغة كما صرح به الشارح (ره).
(2) - قال الشارح (ره) في شرح هذا الكلام الشريف المروى في نهج البلاغة (ص 403 من الطبعة الأولى):
أقول: هذا الفصل من اجل كلام له (ع) في وصف السالك المحقق إلى الله وفى كيفية سلوكه المحقق وأفضل أموره فأشار باحياء عقله إلى صرف همته في تحصيل الكمالات العقلية من العلوم والأخلاق وأحيا عقله النظري والعملي بها بعد الرياضة بالزهد والعبادة وأشار بإماتة نفسه إلى قهر نفسه الامارة بالسوء وتفريغها بالعبادة للنفس المطمئنة بحيث لا يكون لها تصرف على حد طباعها الا بارسال العقل وباعثه فكانت في حكم الميت عن الشهوات والميول الطبيعية الذي لا تصرف له من نفسه. وقوله (ع): حتى دق جليله اي حتى انتهت به اماتته لنفسه الشهوية إلى أن دق جليله وكنى (ع) بجليله عن بدنه فإنه أعظم ما يرى منه، ولطف غليظه إشارة إلى لطف بدنه أيضا ويحتمل ان يشير به إلى لطف قواه النفسانية بتلك الرياسة وكسر الشهوة فان اعطاء القوة الشهوية مقتضى طباعها من الانهماك في المأكل والمشارب مما يثقل البدن ويكدر الحواس ولذلك قيل: البطنة تذهب الفطنة وتورث القسوة والغلظة، فإذا اقتصرت على حد العقل بها لطفت الحواس عن قلة الأبخرة المتولدة عن التملي بالطعام والشراب ولطف الملطف ذلك ما غلظ من جوهر النفس بالهيئات البدنية المكتسبة من متابعة النفس الامارة بالسوء كلف المرآة بالصقال حتى يصير ذلك اللطف مسببا لاتصالها بعالمها واستشرافها لأنوار من الملا الاعلى. وقوله (ع) وبرق له لامع كثير البرق أشار (ع) باللامع إلى ما يعرض للسالك عند بلوغ الإرادة بالرياضة به حدا ما من الخلسات إلى الجناب الاعلى فيظهر له أنوار الهية شبيهة بالبرق في سرعة لمعانه واختفائه وتلك اللوامع مسماة عند أهل الطريقة بالوقت وكل وقت فإنه محفوف بوجد إليه قبله ووجد عليه بعده لأنه لما ذاق تلك اللذة ثم فارقها حصل فيه حنين وانين إلى ما فات منها ثم إن هذه اللوامع في مبدأ الامر تعرض له قليلا فإذا أمعن في الارتياض كثرت فأشار باللامع إلى نفس ذلك النور وبكثرة برقة إلى كثرة عروضه بعد الامعان في الرياضة ويحتمل أن يكون قد استعار لفظ اللامع للعقل الفعال ولمعان ظهوره للعقل الانساني، وكثرة بروقه إشارة إلى كثرة فيضان تلك الأنوار الشبيهة بالبروق عنه عند الامعان في الرياضة وقوله (ع): فأبان له الطريق اي ظهر له بسبب ذلك أن الطريق الحق إلى الله هي ما هو عليه من الرياضة وسلك به السبيل اي كان سببا لسلوكه في سبيل الله إليه وقوله (ع) وتدافعته الأبواب اي أبواب الرياضة اي أبواب الجنة اي تطويع النفس الامارة والزهد الحقيقي والأسباب الموصلة إليهما كالعبادات وترك الدنيا فان كل تلك أبواب يصير منها السالك حتى ينتهى إلى باب السلامة وهو الباب الذي إذا دخله السالك تيقن فيه السلامة من الانحراف عن سلوك سبيل الله بمعرفته ان تلك هي الطريق وذلك الباب هو الوقت الذي أشرنا إليه وهو أول منزل من منازل الجنة العقلية، وقوله (ع): وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الامن والراحة فهي قرار الامن متعلق بثبتت وهو إشارة إلى الطور الثاني للسالك ما دام في مرتبة الوقت فإنه يعرض لبدنه عند لمعان تلك البروق شدة اضطراب وقلقه يحس بها خلسة لان النفس إذا فاجأها أمر عظيم اضطربت وتقلقلت فإذا كثرت الغواشي ألفتها بحيث لا تنزعج عنها ولا تضطرب لورودها عليها البدن بل تسكن وتطمئن لثبوت قدم عقله في درجة أعلى من درجات الجنة التي هي قرار الامن والراحة من عذاب الله. وقوله (ع) بما استعمل قلبه وارضى ربه تعالى فالجار والمجرور متعلق بثبتت أيضا اي وثبتت رجلاه بسبب استعمال قلبه ونفسه في طاعة الله وارضائه بذلك الاستعمال وبالله التوفيق ".
(٢٢٢)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب ومقدمته القسم الأول في المبادئ والمقدمات 14
2 الفصل الأول في النفس الحيوانية ولواحقها، وفيه أبحاث: البحث الأول - تحقيقها وبرهان وجودها 16
3 البحث الثاني - في ماهية الادراك 17
4 البحث الثالث - في الحواس الظاهرة 17
5 البحث الرابع - في الحواس الباطنة 21
6 البحث الخامس - في القوى المحركة بالإرادة 23
7 البحث السادس - في الأرواح الحاملة لهذه القوى 24
8 الفصل الثاني في النفس الانسانية والفلكية، وفيه أبحاث: البحث الأول - في ماهيتهما وبراهين وجودهما 25
9 البحث الثاني - في قوى النفس الانسانية 27
10 البحث الثالث - في الكمالات العقلية الانسانية من اقسام الحكمة النظرية والعملية 30
11 البحث الرابع - في تفصيل وجيز لأصول الفضائل الخلقية 31
12 الفصل الثالث في أحوال النفس بعد المفارقة: وفيه أبحاث: البحث الأول - في ان النفس باقية بعد خراب البدن 38
13 البحث الثاني - في بيان ماهية السعادة والشقاوة 39
14 البحث الثالث - في اثبات اللذة العقلية للنفوس الانسانية 41
15 البحث الرابع - في درجات السعداء ومراتب الأشقياء 43
16 الفصل الرابع في الإشارة إلى بعض أحوال السالكين إلى الله تعالى، وفيه أبحاث: البحث الأول - في بيان مسمى الزاهد والعابد والعارف 46
17 البحث الثاني - في أنه كيف يكون الزهد والعبادة مؤديين إلى المطلوب الذاتي 47
18 البحث الثالث - في غرض غير العارف من الزهد والعبادة وغرضه منهما ومن عرفانه 50
19 البحث الرابع - في درجات حركات العارفين 50
20 البحث الخامس - في احكام العارفين وأخلاقهم 54
21 الفصل الخامس في بيان احكام أخرى للنفوس الكاملة وفيه بحثان: البحث الأول - في التمكن من الاخبار عن المغيبات وسببه 56
22 البحث الثاني - في تمكن نفوس الانسانية من الاتيان بخوارق العادات 61
23 القسم الثاني في المقاصد: وفيه فصول: الفصل الأول في المباحث المتعلقة بالعقل والعلم والجهل والظن والنظر 1 - لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا 65
24 2 - الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا 67
25 3 - من عرف نفسه فقد عرف ربه 70
26 4 - ما هلك امرؤ عرف قدره 72
27 5 - رحم الله امرء عرف قدره ولم يتعد طوره 72
28 6 - قيمة كل امرء ما يحسنه 74
29 7 - الناس أبناء ما يحسنون 75
30 8 - المرء مخبوء تحت لسانه 76
31 9 - الشرف بالعقل والأدب لا بالحسب والنسب 78
32 10 - لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال 81
33 11 - إذا تم العقل نقص الكلام 82
34 12 - لأداء أعيا من الجهل 83
35 13 - لا مرض أضنى من قلة العقل (وفى نسخة: اخفى) 85
36 14 - نعمة الجاهل كروضة في مزبلة 88
37 15 - اغنى الغنى العقل 89
38 16 - أحمق الحمق الفقر 90
39 17 - أفقر الفقر الحمق 92
40 18 - الحكمة ضالة المؤمن 93
41 19 - المرء عدو ما جهله 94
42 20 - قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل وراء قلبه 96
43 21 - ظن العاقل كهانة 98
44 22 - من نظر اعتبر 100
45 الفصل الثاني في المباحث المتعلقة بالأخلاق الرضية والردية والآداب المتعلقة بها 1 - من عذب لسانه كثر إخوانه 103
46 2 - من لان عوده كثفت أغصانه 104
47 3 - بشر مال البخيل بحادث أو وارث 106
48 4 - الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم 107
49 5 - أكرم الحسب حسن الخلق 109
50 6 - لا ظفر مع البغى 110
51 7 - لا ثناء مع كبر 111
52 8 - لا بر مع شح 112
53 9 - لا اجتناب محرم مع حرص 113
54 10 - لا راحة مع حسد 115
55 11 - لا زيارة مع زعارة 117
56 12 - لا مروة لكذوب 117
57 13 - لا وفاء لملول 120
58 14 - لا كرم أعز من التقى 122
59 15 - لا معقل أحصن من الورع 124
60 16 - نفاق المرء ذلة 125
61 17 - الجزع أتعب من الطمع 126
62 18 - الذل مع الطمع 127
63 19 - الحرمان مع الحرص 128
64 20 - عبد الشهوة أذل من عبد الرق 130
65 21 - الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له 132
66 22 - منع الموجود سوء الظن بالمعبود 133
67 23 - العداوة شغل القلب 135
68 24 - لا حياء لحريص 136
69 25 - البخل جامع لمساوي العيوب 137
70 26 - كثرة الوفاق نفاق وكثرة الخلاف شقاق 139
71 27 - البغى سائق إلى الحين 142
72 28 - أوحش الوحشة العجب 143
73 29 - إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه 146
74 30 - البخيل مستعجل الفقر يعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء 147
75 31 - لسانك يقتضيك ماعودته 149
76 32 - لا صحة مع النهم 150
77 الفصل الثالث في المباحث المتعلقة بالآداب والمواعظ والحكم المصلحية 1 - أكرم النسب حق الأدب 153
78 2 - بالبر يستعبد الحر 154
79 3 - الجزع عند البلاء تمام المحنة 156
80 4 - رحم الله امرء قال خيرا فغنم أو سكت فسلم 158
81 5 - الاعتذار تذكير بالذنب 162
82 6 - النصح بين الملاء تقريع 163
83 7 - الشفيع جناح الطالب 164
84 8 - المسؤول حر حتى يعد 165
85 9 - أكبر الأعداء أخفاهم مكيدة 167
86 10 - من طلب مالا يعنيه فاته ما يعنيه 168
87 11 - السامع للغيبة أحد المغتابين 169
88 12 - الراحة مع اليأس 171
89 13 - من كثر مزاحه لم يخل من حقد عليه أو استخفاف به 172
90 14 - كفى بالظفر شفيعا للمذنب 176
91 15 - رب ساع فيما يضره 177
92 16 - روحوا القلوب فان القلب إذا أكره عمى 178
93 17 - الأدب صورة العقل 180
94 18 - اليأس حر والرجاء عبد 181
95 19 - من لأنت أسافله صلبت أعاليه 182
96 20 - من طعن في عجانه قل حياؤه وبذا لسانه 184
97 21 - السعيد من وعظ (أو: اعتبر) بغيره 185
98 22 - رب امل خائب 187
99 23 - رب طمع كاذب 188
100 24 - رب رجاء يؤدى إلى الحرمان 189
101 25 - رب أرباح تؤدى إلى الخسران 190
102 26 - في كل أكلة غصة ومع كل جرعة شرقة 192
103 27 - 28 - إذا حلت المقادير ضلت التدابير وإذا حل القدر بطل الحذر 193
104 29 - ليس العجب ممن هلك انما العجب ممن نجا كيف نجا 196
105 30 - الاحسان يقطع اللسان 197
106 31 - احذروا نفار النعم فما كل شارد بمردود 199
107 32 - إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر 201
108 33 - أكثر مصارع العقول تحت بروق الأطماع 202
109 34 - من أبدى صفحته للخلق هلك 205
110 35 - إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة 206
111 36 - من جرى في عنان أمله عثر بأجله 207
112 37 - لا تتكل على المنى فإنها بضائع النوكى 209
113 38 - لا شرف أعلى من الاسلام 210
114 39 - لا شفيع انجح من التوبة 212
115 40 - لا لباس أجمل من العافية 214
116 41 - لا صواب مع ترك المشورة 215
117 42 - لا محبة مع مراء 220
118 43 - لا سؤدد مع انتقام 221
119 44 - لا شرف مع سوء الأدب 223
120 45 - ما أضمر أحدكم شيئا إلا أظهره الله في فلتات لسانه وصفحات وجهه 224
121 46 - اللهم اغفر لنا رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وهفوات اللسان وسهوات الجنان 226
122 القسم الثالث في اللواحق والتتمات وفى فصلان: الفصل الأول - في أن عليا (ع) كان مستجمعا لجميع الفضائل الانسانية، وفيه بحثان: البحث الأول - في بيان كماله (ع) بحسب القوة النظرية وفيه مقامان 230
123 المقام الأول - في أنه كان أستاذ البشر بعد رسول الله (ص) 230
124 المقام الثاني - في أنه كان سيد العارفين بعد رسول الله (ص) 232
125 البحث الثاني - في بيان كماله (ع) بحسب القوة العملية (وفيه أصول الفضائل من الحكمة الخلقية والعفة والشجاعة) 237
126 الفصل الثاني والثالث - من اقسام الحكمة المنزلية والسياسية 243
127 الفصل الثاني في بيان اطلاعه على المغيبات وتمكنه من خوارق العادات، فيه بحثان: البحث الأول في اطلاعه (ع) على الأمور الغيبية ويورد فيه عشرة احكام مما حكم بالمغيبات الأول - ما حكم بوقوعه في حق عبيد الله بن زياد 250
128 الثاني - ما أخبر به عما يؤول إليه أمر الخوارج 251
129 الثالث - اخباره عن فتنة الزنج 252
130 الرابع - اخباره عن الحجاج وتسلطه على الناس 253
131 الخامس - اخباره عن الملاحم بالبصرة 255
132 السادس - اخباره عن عبد الملك بن مروان 258
133 السابع - اخباره عما يكون من بنى أمية بعده 259
134 الثامن - اخباره عن الأتراك وما يكون في دولتهم 259
135 التاسع - اخباره عما وقع من أسر الحنفية وما قالته خولة عند ولادتها 260
136 العاشر - اخباره عما يؤول إليه امر خالد بن عرفطة 264
137 البحث الثاني في بيان تمكنه (ع) من الافعال الخارقة للعادة ويذكر فيه عشر آيات: الأولى - مكالمته (ع) مع شمعون وصي عيسى (ع) 268
138 الثانية - كلامه (ع) مع الأسد 269
139 الثالثة - اخباره عما حدث في نفس مالك الأشتر وخطر على باله 269
140 الرابعة - قلعه باب خيبر وكان من صخرة واحدة 270
141 الخامسة - صيرورة الكاذب بدعائه (ع) أعمى 271
142 السادسة - صيرورة كاذب آخر بدعائه كلبا 271
143 السابعة - تسكينه (ع) الأرض عن الزلزلة في عمر بن الخطاب 271
144 الثامنة - تحويله (ع) حصى المسجد جواهر و اعادته إياها حصى 272
145 التاسعة - اخراجه (ع) دنانير من الأرض 273
146 العاشرة - اخباره (ع) عما في ضمير ربيعة بن سالم ونزول المطر بدعائه (ع) 274
147 طريقان بهما يستدل على صحة ما ذكر من الأحكام والآيات 276
148 خاتمة الكتاب 278