شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٣
السابق
المحبين لها المطمئنين إليها المفتونين بها، أن تكون كما قال الله عز وجل. اه‍) أي لن تتجاوز الدنيا عند تناهي أماني الراغبين فيها وحصول متمنياتهم كما هي أن تكون مشابهة لما تضمنته الآية الكريمة فقوله «أن تكون» مفعول لن تعدوا، وبالجملة شبه حالهم في سرعة زوالهم وذهاب نعيمهم وانقطاع متمنياتهم بعد إقبالها واهتزازهم بها بحال الأرض في نضرتها وخضرتها وبهجتها وحسنها بالنبات الحاصل من الماء، ثم سرعة تعقب الهلاك والزوال والفناء، ثم أشار إلى أن نعماء الدنيا مشوبة ببلائها وزهراتها مختلطة بآفاتها جرا عن الميل إليها وصرف العمر فيها وتبديل النعماء الأخروية الصافية الدايمة بها بقوله (مع أنه لم يصب امرء منكم في هذه الدنيا حبرة) وهي بالفتح:
النعمة الحسنة وسعة العيش (إلا أورثته عبرة) وهي بالفتح: الدمعة قبل أن يفيض أو الحزن بلا بكاء (ولا يصبح فيها في جناح أمن) أي في ظل جناح أمن أو تحت جناحه كبيض الطير أو فرخه تحت جناحه وفيه مكنية وتخييلية (إلا وهو يخاف فيها نزول جايحة): هي آفة تهلك الثمار ومصيبة عظيمة وفتنة مبيرة (أو تغير نعمة أو زوال عافية) كل ذلك ظاهر لأهل الدنيا بمشاهدة انقلاباتها وتغير حالاتها ثم ذكر ما يوجب ترك الدنيا لمن تأمل وتدبر وتعقل وتفكر فقال: (مع أن الموت من وراء ذلك) من تفكر في أمر الموت وشدائده وضرورة وقوعه يستعد له ويمنعه عن الطعام والشراب فضلا عن الاطمينان في الدنيا التي هي بمنزلة السراب (وهول المطلع) قيل: هو رؤية ملك الموت وفي الصحاح هو موضع الاطلاع من أشرف إلى انحدار وفي الحديث هول المطلع شبه ما أشرف من أمر الآخرة عليه، وفي النهاية يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت، فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال (والوقوف بين يدي الحكم العدل) أشار بذكر الوقوف إلى ذل الخلائق حينئذ ويذكر الحكم إلى جريان حكمه عليهم وبذكر العدل إلى أنه يثيب المطيع ويعاقب العاصي، ولا يجوز أن يعكس أو يمنع الحق عن المستحق وفيه تحريض على الطاعة وتبعيد عن المعصية وأعظمها حب الدنيا والميل إليها (تجزي كل نفس بما عملت) كأنه استيناف جوابا عن سبب الوقوف أو غرضه والمراد بالموصول الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة وأضدادهما ثم فصل ذلك مع زيادة بقوله (ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) أي: المثوبة الحسنى أو المعاملة الحسنى أو المنزلة والمرتبة الحسنى وهي الزلفى أو الجنة وفي جعل جزاء الإساءة ما عملوا وجزاء الإحسان الحسنى تنبيه على أن جزاء السيئة لا يضاعف وجزاء الحسنة يضاعف، ثم أمر بعد الأوصاف المقتضية للتقوى والمسارعة إلى الطاعة وما يوجب الرضوان والتقرب بهذه الأمور على سبيل التفريع فقال: (فاتقوا الله عز ذكره) حق تقاته بالحذر عما يكرهه من منهياته.
(وسارعوا إلى رضوان الله) أي: إلى سبب رضوانه (والعمل بطاعته) المندرجة فيها طاعته رسوله وطاعة ولي الأمر بعده
(٢٢٣)
التالي
الاولى ١
٥٩٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 214
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 242
21 حديث الصيحة 278
22 حديث يأجوج ومأجوج 292
23 حديث القباب 310
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 371
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 416
26 حديث الفقهاء والعلماء 432
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 478
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 480
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 500
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 516
31 حديث العابد 554
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 556