شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٢
السابق
للمبالغة في السببية أي ليكون سبب الوصول إلى الحق لقوم مؤمنين بالله عابدين له أي مستعدين للإيمان والعبادة (فبلغ رسالته) إلى عباده كما أمر من غير زيادة ولا نقصان (وجاهد في سبيله) حق جهاده من غير تقصير ولا توان (وعبده) حق عبادته ظاهرا وباطنا (حتى أتاه اليقين) وهو الموت فخرج عن الدنيا طاهرا مطهرا (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) امتثالا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
(أوصيكم عباد الله) أي أمركم أو أذكركم كذا في المصباح (وأوصي نفسي بتقوى الله) الجار متعلق بالفعلين على سبيل التنازع، والتقوى: وقاية عن شدائد الدنيا والآخرة وكثيرا ما يعبر عنها بالطاعة وإن كانت أخص منها في بعض المواضع كما مرت مرارا (الذي ابتدأ بدأ الأمور بعلمه) البداء الأول الخلق والايجاد ومنه «بدء الخلق» أي خلقهم وأوجدهم أي ابتدأ خلق الأمور وإيجادها بعلمه المحيط بها المقتضي لإعطاء كل شيء ما أراده من الحقيقة ولوازمها وآثارها وكمالاتها وفيه دلالة على اختياره وحدوث الممكنات (وإليه يصير غدا معادها) كما قال عز وجل: (الا إلى الله تصير الأمور) والمراد بالغد: يوم الموت أو يوم القيامة وفيه وعد ووعيد وترغيب في التقوى والطاعة وتخويف عن المخالفة والمعصية (وبيده فناؤها وفناؤكم) اليد:
القدرة، والتقديم للحصر وفيه تنبيه على أن الإفناء والإماتة أيضا منه تعالى كما أن الوجود منه والرجوع إليه فهو أهل لأن يتقى منه ويطاع (فكان قد زالت عن قليل عنا وعنكم كما زالت عمن كان قبلكم) أشار به إلى قلة مدة العمر وسرعة زوالها، وحث بالتشبيه على العبرة بالماضين كيف دخلوا في الدنيا ومضوا مسرعين بزوال آجالهم، وبقوا مشتغلين بأعمالهم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا فقدر نفسك كأحدهم (فاجعلوا عباد الله اجتهادكم في الدنيا التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل) الفناء للتفريع لأن ما بعده كالمعلول للسابق إذ كون الوجود منه ذكر القصير تنفير عن الدنيا وتسهيل لتحمل التعب من العمل كما أن في ذكر الطويل تهويلا من الفقر والإفلاس فيه، والمراد بالزاد الأعمال الصالحة سميت زادا لاحتياج الناس في البقاء الأخروي إليها كاحتياجهم إلى الزاد في البقاء الدنيوي (فإنها دار عمل) ولا عمل بعد الخروج منها (والآخرة دار القرار والجزاء) أي المكافاة وفيها بجد كل عامل ما عمل من خير وشر (فتجانوا عنها) أي عن الدنيا ولا تركنوا إليها وخذوا من هذه الدار الفانية أنواع المعارف والطاعات للدار الباقية (فإن المغتر من اغتربها) الظاهر أن الأول من الغرة بالكسر: وهي الغفلة، والثاني من الغرور: وهو الخدعة، أي الغافل عن الله وعن أمر الآخرة من انخدع بالدنيا وزهراتها فإنها تعرض نفسها للراكن إليها حتى تجدد له مطالب وهمية وأمارات خيالية في تحصيلها فربما لم تحصل له وينكشف بطلان تلك الأمارات بعد العناء الطويل وربما تحصل له مع مشقة شديدة ولا تدوم له بل تأخذه الدنيا منه عن قريب وتغلبه فتخرج منها فريدا وحيدا مسكينا وكلا الأمرين شاق على النفس، كما أشار إليه بقوله (لن تعدوا الدنيا إذا تناهت إليها أمنية أهل الرغبة فيها
(٢٢٢)
التالي
الاولى ١
٥٩٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 214
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 242
21 حديث الصيحة 278
22 حديث يأجوج ومأجوج 292
23 حديث القباب 310
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 371
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 416
26 حديث الفقهاء والعلماء 432
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 478
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 480
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 500
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 516
31 حديث العابد 554
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 556