شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٢١٠
السابق
توضيح ذلك بقوله (نهاركم بأنفسكم دؤوب وليلكم بأرواحكم ذهوب) الظرف في الموضعين متعلق بما بعده والتقديم لرعاية السجع والدؤوب فعول من الدأب وهو الجد في الأمر والطرد أيضا ولا يخفى على العارف بالسجع بدايع هذا الكلام ولطفه، والعجب من أبناء الدنيا مع حبهم طول عمرهم وبقائهم فيها يتمنون انقضاء الأيام والليالي سريعا بشيء يسير يتوقعون حصوله بعد مدة ولا يعلمون أن انقضائها انقضاء لعمرهم وهذا أيضا من سخافة عقولهم (فأصبحتم تحكون من حالهم حالا) أي صارت حالكم وصفاتكم مثل حالهم وصفاتهم، تقول: حكيت الشيء أحكيه حكاية إذا أتيت بمثله على الصفة التي بها غيرك فأنت كالناقل، ومنه حكيت صنعته إذا أتيت بمثلها وهو هنا كالمعارضة بالمثل، وحكوته أحكوه لغة، قال ابن السكيت: وحكى عن بعضهم أنه قال: لا أحكوا كلام ربي لا أعارضه.
(وتحتذون من سلكهم مثالا) الاحتذاء: الاقتداء، تقول احتذى مثالهم أي اقتدى به والسلك مصدر بمعنى الذهاب تقول سلكت الطريق سلوكا وسلكا إذا ذهبت فيه، وفي بعض النسخ «من مسلكهم» وهو الطريق والمثال بالكسر اسم من ماثله إذا شابهه وقد يطلق على الوصف والصورة فيقال: مثاله كذا وصفه وصورته والجمع أمثله (فلا تغرنكم الحياة الدنيا) أي لا تخدعنكم بزينتها يقال: غرته الدنيا غرور ممن باب قعدت خدعته بزينتها وأطمعته بالباطل فاغتر هو بها ولما كان المغتر بها هو المحب لها والراكن إليها والناسي الموت وما بعده نبه بما يوجب سلب جميع ذلك بقوله (فإنما أنتم سفر حلول والموت بكم نزول) لأن ذكر الموت والعلم بوقوعه وجعل ذلك نصب العين وانتظاره في كل آن يزيل حب الدنيا والميل إلى زينتها، ويستلزم ذكر المعاد إلى الله تعالى ووعده ووعيده وحسابه وجزائه ولذلك قال (صلى الله عليه وآله) «أكثروا ذكر هادم اللذات» (تنتضل فيكم مناياه) في كنز اللغة انتضال «تير انداختن» وضمير مناياه راجع إلى الموت، والمراد بالمنايا أسبابه وإرجاعه إلى الدنيا باعتبار الدهر بعيد وقد شبه المنية بالرامي وأثبت له الانتضال مكنية وتخييلية وجعل الإنسان غرضا وفيه تنفير عن الدنيا لعدم الأمن من سهام الموت (وتمضي بأخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب) مطاياه من قبيل لجين الماء أو فيه مكنية وتخييلية بتشبيه الموت بالرسول الذي يبلغ خبر الغايب واثبات المطايا له وإمضاء الأخبار ترشيح واسناده إلى المطاياه مجاز من باب إسناد فعل الحال إلى المحل، كأن الموت يخبر أهل الثواب وأهل العقاب بخبره ووصوله، والمراد بدار الثواب ودار العقاب، أما القيامة الكبرى أو الصغرى وهي البرزخ فإن كل من كان فيه يعلم أنه من أهل الثواب أو من أهل العقاب ولا يخفى لطف هذا الكلام وحسنه (فرحم الله امرءا راقب ربه) حافظ ربه كأنه يراه فيخلي الظاهر والباطن عن الرذايل ويحليهما بالفضائل وينظر
(٢١٠)
التالي
الاولى ١
٥٩٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 214
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 242
21 حديث الصيحة 278
22 حديث يأجوج ومأجوج 292
23 حديث القباب 310
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 371
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 416
26 حديث الفقهاء والعلماء 432
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 478
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 480
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 500
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 516
31 حديث العابد 554
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 556