شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٥
السابق
وأنعم بالحياة عليهم فضلا، فأحيا وأمات وقدر الأقوات، أحكمها بعلمه تقديرا وأتقنها بحكمته تدبيرا إنه كان خبيرا بصيرا، هو الدائم بلا فناء والباقي إلى غير منتهى، يعلم ما في الأرض وما في السماء وما بينهما وما تحت الثرى.
أحمده بخالص حمده المخزون بما حمده به الملائكة والنبيون، حمدا لا يحصى له عدد ولا يتقدمه أمد، ولا يأتي بمثله أحد، او من به وأتوكل عليه وأستهديه وأستكفيه وأستقضيه بخير وأسترضيه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (صلى الله عليه وآله).
أيها الناس إن الدنيا ليست لكم بدار ولا قرار، إنما أنتم فيها كركب عرسوا فأناخوا، ثم استقلوا فغذوا وراحوا، دخلوا خفافا وراحوا خفافا، لم يجدوا عن مضي نزوعا، ولا إلى ما تركوا رجوعا ، جد بهم فجدوا، وركنوا إلى الدنيا فما استعدوا حتى إذا أخذ بكظمهم وخلصوا إلى دار قوم جفت أقلامهم لم يبق من أكثرهم خبر ولا أثر، قل في الدنيا لبثهم وعجل إلى الآخرة بعثهم، فأصبحتم حلولا في ديارهم، ظاعنين على آثارهم والمطايا بكم تسير سيرا، ما فيه أين ولا تفتير، نهاركم بأنفسكم دؤوب وليلكم بأرواحكم ذهوب فأصبحتم تحكون من حالهم حالا وتحتذون من مسلكهم مثالا، فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما أنتم فيها سفر حلول والموت بكم نزول، تنتضل فيكم مناياه، وتمضي بأخباركم مطاياه إلى دار الثواب والعقاب والجزاء والحساب.
فرحم الله امرءا راقب ربه وتنكب ذنبه وكابر هواه وكذب مناه، امرءا زم نفسه من التقوى بزمام وألجمها من خشية ربها بلجام، فقادها إلى الطاعة بزمامها وقدعها عن المعصية بلجامها، رافعا إلى المعاد طرفه، متوقعا في كل أوان حتفه، دائم الفكر، طويل السهر، عزوفا عن الدنيا سأما، كدوحا لآخرته متحافظا، امرءا جعل الصبر مطية نجاته، والتقوى عدة وفاته ودواء أجوائه، فاعتبر وقاس وترك الدنيا والناس، يتعلم للتفقه والسداد وقد وقر قلبه ذكر المعاد وطوبى مهاده وهجر وساده، منتصبا على أطرافه، داخلا في أعطافه، خاشعا لله عز وجل، يرواح بين الوجه والكفين، خشوع في السر لربه، لدمعه صبيب ولقلبه وجيب، شديدة أسباله، ترتعد من خوف الله عز وجل أوصاله، قد عظمت فيما عند الله رغبته واشدت منه رهبته، راضيا بالكفاف من أمره يظهر دون ما يكتم ويكتفي بأقل مما يعلم اولئك ودائع الله في بلاده، المدفوع بهم عن عباده، لو أقسم أحدهم على الله عز ذكره لأبره، أو دعا على أحد نصره الله، يسمع إذا ناجاه ويستجيب له إذا دعاه، جعل الله العاقبة للتقوى والجنة لأهلها
(٢٠٥)
التالي
الاولى ١
٥٩٥ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 214
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 242
21 حديث الصيحة 278
22 حديث يأجوج ومأجوج 292
23 حديث القباب 310
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 371
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 416
26 حديث الفقهاء والعلماء 432
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 478
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 480
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 500
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 516
31 حديث العابد 554
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 556