شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٩٣
السابق
قوله (يقولون هذا ينفاد وهذا لا ينفاد) (1) الظاهر أن المشار إليه متحد يعني يخترع بعضه كلاما له مدخل في إثبات مطلبه بزعمه ويقول هذا كلام صحيح خالص جيد لا زيف ولا فساد فيه ويقول الآخر: هذا الكلام سقيم مزيف فاسد، وإنما قلنا: الظاهر ذلك لاحتمال أن يكون المشار إليه بهذا غير المشار إليه بهذا بأن يقدموا على تحسين بعض المقدمات المخترعة وتزييف بعض آخر حتى كان المباحث الكلامية والمطالب اليقينية منوطة بمفتريات أوهامهم ومخترعات أفهامهم فلذلك يقع الاختلاف بينهم في المطالب اختلافا عظيما.
قوله (وهذا ينساق وهذا لا ينساق) أي هذا يؤدي إلى المطلوب وهذا لا يؤدي إليه، أو هذا ينساق على نهج الاصطلاح وهذا لا ينساق عليه.
قوله (وهذا نعقله وهذا لا نعقله (2)) فيدعي بعضهم إمكانه بل وقوعه، ويدعي بعضهم استحالة فهمه لعدم اجتماعهم على أصل صحيح وعدم رجوعهم إلى شخص معين عالم باصول الدين من الوحي صاروا مختلفين، يورد كل واحد على صاحبه ما يورد صاحبه عليه من المنع والنقض والمعارضة فيختلفون في الحيرة كالحيارى في الصحاري ولا يهتدون إلى الحق سبيلا ولا إلى صواب دليلا.
قوله (إن تركوا ما أقول (3) وذهبوا إلى ما يريدون) من المطالب المخترعة والمبادىء المبتدعة

١ - قوله «يقولون ها ينقاد وهذا لا ينقاد»: بيان لحالتهم عند المناظرة والتنازع والجدال يقول هذا شيئا وينكره الآخر، كما نقول: يقول هذا نعم ويقول هذا لا، أو يقول أحدهم سلمنا والآخر: لا نسلم، ولم كان ذلك، وليس خصوص لفظ ينقاد وينساق مقصودا بالمنع بل المنع راجع إلى المجادلة بالإصرار واللجاج بأي لفظ كان.
(ش) ٢ - قوله «وهذا لا نعقله» ومعلوم أن من لم يعقل كلام المخاطب يجوز أن يقول لا نعقله أو إذا عقل يجوز أن يقول عقلته ونعقله وإنما المنع والذم راجع إلى المجادلة والنزاع واللجاج في الكلام كما مر في ينقاد ولا ينقاد. (ش) ٣ - قوله: «إن تركوا ما أقول» أن للتكلم والمجادلة شرائط وقواعد وأصولا يجب مراعاتها خصوصا في الدين كما قال الله تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) وقد ذكر المنطقيون شروطا أوردها العلامة والحكيم المحقق نصير الدين في الجوهر النضيد وليس مراد الإمام (عليه السلام) إلزامهم بأن يقتصروا في المجادلة على رواية ما سمعوه منه (عليه السلام) لفظا بلفظ كما يفعله أصحاب الحديث إذ هو غير ممكن في الكلام فكل سائل يضع شيئا ويسأل عن شيء وينقض بشيء ولابد للمتكلم معه أن يجيبه في كل مورد بما يقتضيه ذلك المورد وحفظ الرواية والحديث بمقدار يكفي في جواب كل سائل في كل مورد وكل مسألة محال ومعلوم أن هشام بن الحكم وأترابه لم يتكلموا على هذا الوجه بل المراد مراعاة شرائط شرطها الإمام (عليه السلام) نحو شرائط ذكرها أهل المنطق ويعلم سنخها من آخر الحديث حيث قال لهشام بن سالم: «تريد الأثر ولا تعرفه» يعني من شروط المجادل أن يتمسك بمسلمات خصمه، والأثر: يعني السنة المنقولة عن النبي (صلى الله عليه وآله) من مسلمات الخصم ويتمسك به في المجادلة مع أهل هذه النحلة كما قال به المنطقيون يجب على المجادل أن يعرف المسلمات والمشهورات كالآراء المحمودة حق المعرفة، وقال في الجوهر النضيد: يحتاج المجادل إلى أن يستكثر من صناعته العلمية وإلى الدربة في عادته الصناعية كما يحتاج غيره من الصناع حتى يقدر على إيراد ما يحتاج إليه كل وقت ولا يكفي حفظ البضاعة دون ملكة الصناعة إذ قد يحفظ الإنسان ما لا يذكره وقت الحاجة إليه أو يحتاج إلى ما ليس بمحفوظ عنده إلى آخر ما قال ومثله كلامه (عليه السلام) لقيس بن ماصر «وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل» وقال للأحول: «تكسر باطلا بباطل» ذمه به وهي وصايا للمجادلين من سنخ ما ذكره أهل المنطق، فغرض الإمام النهي عن المجادلة بغير مراعاة شرائط الجدل لا النهي عن الكلام مطلقا والاكتفاء بنقل الرواية لأن المعلوم أن الشامي المنكر للإمامة لم يكن ينقاد لقول الامام (عليه السلام) تعبدا (ش).
(٩٣)
التالي
الاولى ١
٣٥٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 114
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 120
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 121
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 127
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 129
14 باب فرض طاعة الأئمة 149
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 160
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 165
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 167
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 172
19 وأبوابه التي منها يؤتى 172
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 175
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 181
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 191
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 250
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 257
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 259
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 260
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 267
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 272
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 274
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 277
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 278
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 280
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 283
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 284
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 285
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 288
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 290
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 292
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 295
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 298
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 306
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 309
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 314
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 317
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 320
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 330
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 331
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 341
49 فهرس الآيات 351