شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٤٥
السابق
المعصية، ثم التعذيب عليها - كما زعمت الجبرية - قبيح والله سبحانه منزه عن القبائح، وقالت الجبرية: لو كان خلق المعصية التي هي من الأعراض قبيحا لكان خلق بعض الجواهر والذوات مثل الخنزير والعقرب والحية أيضا قبيحا، ولما جاز هذا بالاتفاق فكذا ذاك وإلا فما الفرق؟ وأجاب العدلية عنه بأن المراد بالمعاصي والشرور والقبائح التي لا يفعلها الله تعالى ما يكون مفاسده في نظام الوجود أكثر من مصالحه عند العقل وما هو محل النزاع من القبائح والمفاسد الصادرة من العباد كالزناء واللواط والسرقة وسفك الدماء ونحوها مما لا يجد العقل السليم فيها فائدة ونفعا في حفظ النظام، ولو كانت فيها مصلحة فهي أقل من مفاسدها بكثير بخلاف ما يستقبحه العقل في بادىء النظر من أفعاله تعالى فإنه إذا تأمل فيها العاقل ربما اطلع على ما فيها من حكم ومصالح لا يحصى فيعود الاستقباح في نظره استحسانا كما في قصة موسى مع الخضر من خرق السفينة وقتل الغلام (ولا أراد - إرادة حتم - الكفر من أحد) حتى يكون مجبورا على الكفر غير مستحق للتعذيب وهذه الإرادة هي التي يسميها أهل العدل إرادة قسر وإرادة إلجاء، ولما فهم من نفي القيد أنه أراد الكفر استدرك وبين كيفية تلك الإرادة بقوله (ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر) لما أراد إيمانه على التخيير دون القسر والإلجاء مع إقداره عليه وعلى الكفر صارت تلك الإرادة ظرفا لكفره مجازا إذ لو تحقق - القسر لم يتحقق الكفر، ويحتمل أن يراد بالإرادة: العلم، قال شارح كشف الحق (رحمه الله): إرادته تعالى للأفعال علمه بها وبما فيها مع المصالح (وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شيء من الخير) ولا يلزم منه الجبر، لأن علمه تعالى بما يفعل العبد باختياره لا يوجب الجبر وإنما يوجبه لو كان العلم علة للمعلوم وليس كذلك.
(قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: ليس هكذا أقول) لما لم يفهم السائل مراده (عليه السلام) سأله بهذه العبارة وإنما نفاها (عليه السلام) لأنها تفيد ظاهرا أن كفرهم مراد له تعالى بالذات كالإيمان، وليس كذلك لأنه لا يريد المعاصي كما يريد الخيرات (ولكني أقول: علم) في الأزل (أنهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم) لعل المقصود أن كفرهم لما كان واقعا في نفس الأمر باختيارهم وكان علمه تعالى متعلقا به في الأزل وأراد أن يكون علمه مطابقا للمعلوم أراد الكفر بالعرض من جهة أن إرادة هذه المطابقة يستلزم إرادة طرفها الذي هو المعلوم، أعني الكفر إذ بدونه لا يتحقق ولا ينافي إرادته من هذه الجهة كراهة صدوره منهم أبدا، وبذلك يظهر الفرق بين إرادة الخيرات وإرادة الشرور، فإنه تعالى يريد صدور الخيرات منهم أبدا سواء علم وقوعها أو علم عدم وقوعها ولا يريد صدور الشرور منهم أبدا، فإن صدرت منهم يتعلق بها الإرادة من حيث أنها طرف للنسبة العلمية المطابقة للواقع لا من حيث الصدور منهم (وليست إرادة حتم) لأن هذه الإرادة تابعة للعلم بوقوعه وليس
(٤٥)
التالي
الاولى ١
٣٥٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 114
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 120
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 121
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 127
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 129
14 باب فرض طاعة الأئمة 149
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 160
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 165
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 167
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 172
19 وأبوابه التي منها يؤتى 172
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 175
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 181
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 191
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 250
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 257
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 259
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 260
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 267
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 272
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 274
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 277
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 278
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 280
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 283
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 284
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 285
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 288
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 290
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 292
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 295
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 298
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 306
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 309
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 314
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 317
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 320
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 330
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 331
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 341
49 فهرس الآيات 351