شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٣٥
السابق
والحكمة النبوية وآتاهم ملكا عظيما وهي رئاسة الدارين، فمن الأمة من آمن بما آتاهم ومنهم من صد و أعرض عنه ولم يؤمن به، وكفاهم إن لم يعذبوا في الدنيا بجهنم سعيرا أي نار مسعورة ملتهبة معذبون بها في الآخرة.
قوله: (وإن العبد إذا اختاره) دل على أنه وجب أن يكون الإمام عالما بجميع مسائل الدين وغيرها مما يحتاج إليه العباد باستعداد ذاتي وإيداع إلهي وإلهام رباني حتى لا يعجز بعده عن الجواب ولا يتعب ولا يوقع في التحير فيه عن الصواب بالتشكيك ونحوه، وهذا مذهب الإمامية وقال الآبي: كون الإمام على هذا الوصف غير معتبر فيه وإنما المعتبر فيه كونه بحيث يقدر علي استنباط الحكم بالنص أو برأيه، ورد الآمدي على الإمامية بأنهم إن أرادوا بكون الإمام عالما بالجميع أن يكون متهيأ قابلا للعلم به عند الحاجة من النص و الاستنباط، فهذا لا خلاف فيه (1) لأن

١ - قوله: «فهذا لا خلاف فيه» ما ادعاه غير صحيح لأنهم وإن اشترطوا أول الأمر كون الإمام عالما لكن قالوا بعد ذلك إن لم يكن حصوله مجتمعا مع سائر الشرائط ممكنا جاز اختيار الجاهل. وفى المواقف قيل: لا يشترط هذه الصفات، يعني الاجتهاد في الفروع والأصول والشجاعة والرأي لأنها لا توجد فيكون اشتراطها عبثا أو تكليفا بمالا يطاق ومستلزما للمفاسد التي يمكن دفعها بنصب فاقدها انتهى. وهذا ظاهر في عملهم لأنهم متفقون على صحة إمامة بني أمية وبني العباس مع عدم كونهم مجتهدين، فقول الآبي دعوى شهد أصحابه أنفسهم ببطلانها وإنما ادعاها دفعا للاستهجان وتبريا من نسبة أفحش المقالات إلى أصحابه، و الحاصل أنهم إن أرادوا من الإمام الوالي والملك والأمير لأمن البلاد ودفع الفتن فهذا حاصل بالبر والفاجر والعالم والجاهل والمؤمن والكافر وقد يحصل في دولة الكفار أمن وعدالة لم يحصل في دولة الخلفاء كما نقل في عهد أوكتاي من ملوك التتار، وفي بلاد يحكم فيها النصارى عدل لا يخطر مثله ببال أحد من المسلمين وقد لا يصدقه من لم يعهد العدل أصلا في بلاده، وإن أرادوا من الإمام حفظ الدين وإنفاذ أحكام الله تعالى وتقرير ما أراده تعالى من عباده بالحكمة والقدرة فهو شيء زائد على معنى الأمير لا يتصور بدون العلم كما أن المعالج يجب أن يكون عالما بالطب فإن لم يوجد غرض الإمامة من فاقد علم الدين وإن لم يوجد العالم به وسائر ما ذكروه هوسات باطلة وترهات. دعاهم إلى نسجها حفظ عرض ملوكهم الموتى وتصحيح مظالمهم في القرون الماضية، وإنما يتملق من الا حياء لا من الأموات ولا داعي إلى النظر في أفعال الماضين إلا بعين الحق فما الفائدة في تبرئة معاوية وأمثاله من سائر الظلمة الماضين وإثبات الفضائل الدينية والكمالات النفسانية بعد أن انقطعت يده من الكنوز ولا يرجى جوائزه وكان لمعاصريه عذر حين تملقوا له ولم يكن هو على ما قرره في المواقف من شرائط الإمام إلا ملكا من ملوك العرب والتكلم في أخلاقه وصفاته كالتكلم في نعمان بن منذر وجذيمة الأبرش، والإمام إن كان شيئا فوق الأمير والملك فهو ما يقول الإمامية وإن كان هو الأمير والملك فلا يشترط فيه شيء أصلا من الصفات التي ذكروها وإن كان فيه صفات فهو من قبيل حكم العقل في أمور الدنيا كاحتياج البستان إلى الماء والبيت إلى السقف. (ش)
(٢٣٥)
التالي
الاولى ١
٣٥٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 114
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 120
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 121
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 127
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 129
14 باب فرض طاعة الأئمة 149
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 160
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 165
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 167
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 172
19 وأبوابه التي منها يؤتى 172
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 175
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 181
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 191
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 250
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 257
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 259
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 260
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 267
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 272
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 274
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 277
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 278
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 280
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 283
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 284
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 285
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 288
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 290
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 292
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 295
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 298
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 306
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 309
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 314
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 317
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 320
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 330
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 331
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 341
49 فهرس الآيات 351