شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٧٢
السابق
عباده وخزانه على علمه والقائمون بذلك.
* الشرح:
قوله: (واحد) قال في النهاية: الواحد: هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر. قال الأزهري: الفرق بين الواحد أن الأحد: بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول ما جاءني أحد.
والواحد: اسم بني لمفتتح العدد تقول: جاءني واحد من الناس ولا تقول جاءني أحد. فالواحد متفرد بالذات في عدم المثل والنظير والأحد متفرد بالمعنى، وقيل: الواحد هو الذي لا يتجزى ولا يثنى ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذه الوصفين إلا الله تعالى.
قوله: «متوحد بالوحدانية» أي متفرد بها، والوحداني المفارق للجماعة المتفرد بنفسه وهو المنسوب إلى الوحدة أي الانفراد بزيادة الألف والنون للمبالغة.
قوله: (متفرد بأمره) لعل المراد بالأمر: الأمر الشرعي والله سبحانه متفرد بتعيينه كما وكيفا وتقديره حدا ووصفا لا يشاركه أحد في التعيين (1) والتقدير والتحديد إلا أنه خلق خلقا لتوضيح

1 - قوله: «لا يشاركه أحد في التعيين» حمل الأمر على التشريعي إذ لم يفوض أمره إلى الناس حتى يستنبطوه بعقولهم كما مر بخلاف سائر ما يتعلق بمعاشهم وحوائجهم في حياتهم وقد قسموا العلوم إلى ثلاثة أقسام: التعليميات وهي العلوم الرياضية كالحساب والهندسة وما يتفرع عليهما الثاني الطبيعيات كالطب وتربية المواشي وخواص الأشياء الثالثة التشريعيات. ولم يختلفوا في مسائل القسم الأول والثاني غالبا لأن في الإنسان قوة منحة الله تعالى إياها يقتدر بها على تميز الحق من الباطل في التعليميات والطبيعيات ومن عثر من عقلاء أفراد البشر على شيء من تلك العلوم قدر على تفهيم غيره بحيث يقبل منه من غير تبطوء وتتعتع وتوافقوا غالبا فيها ولم يختلفوا واشترك فيها الموحد والمشرك والمسلم وغير المسلم والاشتراكي والملحد والمتدين بخلاف القسم الثالث أعني التشريعات فاختلفوا فيها جدا بحيث لا يرجى اتفاقهم على شيء منها البتة إذا لم يعطهم الله قوة يميزون بها بين الحق والباطل فيها يقينا ولم يزالوا في شك وترديد في ما هو أحسن القوانين وأكمل الشرائع وأنفع أنحاء الأحكام والسياسات وأعدل أقسام الحكومة مع اعترافهم جميعا بأن الحق فيها واحد ليس جميع ما يراه القبائل والأمم صحيحا ويجتهدون في إصابة الحق ولم يجدوه والاختلاف باق في قوانين الإرث وحدود المعاملات وأحكام الأملاك وشرائع النكاح والطلاق والسياسات ووظائف الحكومة وأنها محدودة بشيء أو مطلقة أو يجب الاقتصار في تصرفها على قدر الضرورة، والأصل استقلال الأفراد وأمثال ذلك وهذا يدل على أن الأمر في التشريعيات ليس مفوضا من الله تعالى إلى العباد ولو كان مفوضا إليهم لأعطاهم قوة يميزون بها بين الباطل والحق صريحا ولا يختلفون كما لم يختلفوا في قضايا الهندسة ولهذا الفرق بين التشريعيات وغيرها بعث الله النبيين وأعطاهم الكتاب والشرائع للأحكام ولم يبعث نبيا لبث الطب والهندسة وهذه آية بينة على تفويض هاتين دون تلك إذ المعلوم من استقراء الموجودات جميعا ثبوت عنايته تعالى بكل خلق خلقه فما من نبات ولا حيوان إلا منحها الله تعالى من الآلات والقوى ما يستقيم به أمر معاشها ومالها إليه حاجة ولم يحرمها إلا مما لا حاجة لها إليه ولم يترك شيئا سدى، فإن حرم الحيوان من تدبير الإنسان وحنكته وآلاته واستعداده فليس ذلك إلا لعدم حاجته إلى نسج ثوب وخياطة ملبوس وطحن طعام وأمثال ذلك وكذلك حرم الإنسان من قوة يجزم بها في التشريعيات لأنه يستغني بتشريع الله تعالى وإرسال أنبيائه عن التشريع بعقله ولا حاجة له إلى التفكر في تحقيق الحق فيها إلا ظنا وتخمينا. (ش)
(١٧٢)
التالي
الاولى ١
٣٥٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 114
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 120
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 121
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 127
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 129
14 باب فرض طاعة الأئمة 149
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 160
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 165
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 167
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 172
19 وأبوابه التي منها يؤتى 172
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 175
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 181
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 191
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 250
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 257
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 259
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 260
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 267
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 272
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 274
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 277
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 278
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 280
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 283
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 284
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 285
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 288
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 290
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 292
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 295
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 298
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 306
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 309
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 314
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 317
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 320
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 330
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 331
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 341
49 فهرس الآيات 351