تحف العقول - ابن شعبة الحراني - الصفحة ٤٥٤
السابق
* (مسألة غريبة) * قال المأمون ليحيى بن أكثم (1): اطرح على أبي جعفر محمد بن الرضا عليهما السلام مسألة تقطعه فيها. فقال: يا أبا جعفر ما تقول في رجل نكح امرأة على زنا أيحل أن يتزوجها؟ فقال عليه السلام: يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثا كما أحدثت معه. ثم يتزوج بها إن أراد، فإنما مثلها مثل نخلة أكل رجل منها حراما ثم اشتراها فأكل منها حلالا. فانقطع يحيى.
فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا أبا محمد ما تقول في رجل حرمت عليه امرأة بالغداة وحلت له ارتفاع النهار وحرمت عليه نصف النهار، ثم حلت له الظهر، ثم حرمت عليه العصر، ثم حلت له المغرب، ثم حرمت عليه نصف الليل، ثم حلت له الفجر، ثم حرمت عليه ارتفاع النهار، ثم حلت له نصف النهار؟ فبقي يحيى والفقهاء بلسا خرسا (2) فقال المأمون: يا أبا جعفر أعزك الله بين لنا هذا؟ قال عليه السلام: هذا رجل نظر إلى مملوكة لا تحل له، اشتراها فحلت له. ثم أعتقها فحرمت عليه، ثم تزوجها فحلت له. فظاهر منها فحرمت عليه. فكفر الظهار فحلت له، ثم طلقها تطليقة فحرمت عليه، ثم راجعها فحلت له، فارتد عن الاسلام فحرمت عليه. فتاب ورجع إلى الاسلام فحلت له بالنكاح الأول، كما أقر رسول الله صلى الله عليه وآله نكاح زينب مع أبي العاص بن الربيع حيث أسلم على النكاح الأول (3).

(1) رواه المفيد - رحمه الله - في الارشاد وفتال النيسابوري في الروضة بأدنى تغيير.
(2) البلس - بالضم -: جمع أبلس: المتحير. والخرس - بالضم -: جمع أخرس: الذي انعقد لسانه عن الكلام.
(3) هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن أخت خديجة زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله أمه هالة بنت خويلد، كان اسم أبى العاص لقيط أو هشيم أو مهشم وهو من رجال مكة. المعدودين مالا وتجارة وأمانة، زوجه رسول الله زينب أكبر بناته. فلما أكرم الله نبيه بنبوته آمنت خديجة وبناته فصدقن وشهدن الاسلام وثبت أبو العاص على شركه ويحرضه قريش أن يفارق صاحبته على أن يزوجه أية امرأة شاء فلم يرض. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا على أمره وكان الاسلام قد فرق بينهما الا انه صلى الله عليه وآله كان لا يقدر أن يفرق بينهما فأقامت على اسلامها وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله والخبر في حسن مصاهرته في أيام الشعب مشهور. فلما سارت قريش إلى بدر سار فيهم أبو العاص فأصيب في الأسارى فكان في المدينة عند رسول الله، فلما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم بعثت زينب في فداء أبى العاص بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على ابن العاص حين بنى بها، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله رق لها رقة شديدة وقال لأصحابه: إن رأيتم ان تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليه الذي لها فافعلوا؟ قالوا: نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها مالها وكان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخذ أو شرط عليه أن يخلى سبيل زينب إليه فوعده أبو العاص بذلك فلما ذهب أبو العاص إلى مكة خلى سبيله وبعثها مع أخيه كنانة بن الربيع حتى لحقت برسول الله صلى الله عليه وآله في الطريق بعد أن أصابت من المشركين في الطريق أذى كثيرة ونالت منهم ما نالت وجاءت زينب إلى المدينة وأقامت عند رسول الله صلى الله عليه وآله فأقام أبو العاص بمكة حتى إذا كان قبيل الفتح في سنة 8 من الهجرة خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام وكان رجلا مأمونا بمال له وأموال لرجال من قريش يضعوها معه، فما فرغ من تجارته وأقبل غافلا لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وآله فأصابوا ما معه وأعجزهم هاربا فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله جاء أبو العاص في طلب ماله تحت الليل حتى أتى المدينة ودخل على زينب بنت رسول الله فاستجار بها فأجارته فلما أصبح أتت زينب إلى المسجد فاستجارت له من المسلمين فأجاروه فدخل رسول الله على بنته فقال:
أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له وبعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبى العاص فردوه عليه بأسره ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله فاسلم ورجع إلى المدينة ورد رسول الله زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئا بعد سنين توفى أبو العاص سنة 12 وتزوج علي عليه السلام ابنته امامة بنت زينب بعد وفات فاطمة عليها السلام بوصية منها.
(٤٥٤)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف 12
2 ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله 17
3 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام 17
4 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم أخرى له عليه السلام مختصرة 21
5 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم أخرى له عليه السلام 24
6 حكمه صلى الله عليه وآله وسلم وكلامه وموعظته 26
7 وصيته صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ بن جبل 36
8 كلامه صلى الله عليه وآله وسلم في أمور شتى 38
9 ذكره صلى الله عليه وآله وسلم العلم والعقل والجهل 39
10 موعظته صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وأمته 40
11 خطبته صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع 41
12 في قصارى كلماته صلى الله عليه وآله 46
13 ما روى عن أمير المؤمنين 72
14 خطبته عليه السلام في إخلاص التوحيد 72
15 كتابه عليه السلام إلى ابنه الحسن عليه السلام 79
16 وصيته عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام 99
17 خطبته عليه السلام المعروفة بالوسيلة 103
18 آدابه عليه السلام لأصحابه وهي أربعمائة باب للدين والدنيا 111
19 عهده عليه السلام إلى الأشتر حين ولاه مصر 137
20 خطبته عليه السلام المعروفة بالديباج 160
21 كلامه عليه السلام في الترغيب والترهيب 165
22 موعظته عليه السلام ووصفه المقصرين 168
23 كلامه عليه السلام في وصف المتقين 170
24 خطبته عليه السلام التي يذكر فيها الايمان والكفر ودعائمه وشعبها 173
25 كلامه عليه السلام لكميل بن زياد 180
26 وصيته عليه السلام لكميل بن زياد مختصرة 182
27 وصيته عليه السلام لمحمد بن أبي بكر حين ولاه مصر 187
28 كلامه عليه السلام في الزهد وذم الدنيا وعاجلها 191
29 كلامه عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء 194
30 كلامه عليه السلام في وضع المال مواضعه 196
31 كلامه عليه السلام الدنيا للمتقين 197
32 ذكره عليه السلام الايمان والأرواح واختلافها 199
33 وصيته عليه السلام لزياد بن النضر حين أنفذه إلى صفين 202
34 وصفه عليه السلام لنقلة الحديث 204
35 كلامه عليه السلام في قواعد الدين ومعنى الاستغفار 207
36 وصيته عليه السلام إلى ابنه الحسن لما حضره الوفاة 208
37 تفضيله عليه السلام العلم 210
38 في قصارى كلماته عليه السلام 211
39 ما روى عن الامام السبط الزكي الحسن بن علي عليهما السلام 236
40 أجوبته عليه السلام عن مسائل سئل عنها 236
41 حكمه عليه السلام ومواعظه 238
42 جوابه عليه السلام عن مسائل سأل عنها ملك الروم 239
43 جوابه عليه السلام عن كتاب الحسن البصري في الاستطاعة 242
44 موعظته عليه السلام شيعته 243
45 خطبته عليه السلام حين قال له معاوية بعد الصلح: أذكر فضلنا 243
46 في قصارى كلماته عليه السلام 244
47 ما روى عن الامام السبط الشهيد المفدى عليه السلام 248
48 كلامه عليه السلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 248
49 موعظته عليه السلام شيعته ومواليه 250
50 كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة 251
51 جوابه عليه السلام عن مسائل سال عنها ملك الروم 253
52 كلامه عليه السلام في وجوه الجهاد 254
53 كلامه عليه السلام في توحيد الله تعالى 255
54 في قصاري كلماته عليه السلام 256
55 ما روى عن الامام علي بن الحسين عليهما السلام 260
56 موعظته عليه السلام أصحابه وشيعته في كل يوم جمعة 260
57 كلامه عليه السلام في الزهد والحكمة 263
58 رسالته عليه السلام في جوامع الحقوق 266
59 كلامه عليه السلام في الزهد 283
60 كتابه عليه السلام إلى محمد بن مسلم الزهري يعظه 285
61 في قصاري كلماته عليه السلام 289
62 ما روى عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السلام 295
63 وصيته عليه السلام لجابر بن يزيد الجعفي 295
64 كلامه عليه السلام لجابر أيضا 297
65 كلامه عليه السلام في أحكام السيوف 299
66 موعظته عليه السلام شيعته ومواليه 302
67 في قصارى كلماته عليه السلام 303
68 ما روى عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام 312
69 وصيته عليه السلام لعبد الله بن جندب 312
70 وصيته عليه السلام لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول 318
71 رسالته عليه السلام إلى جماعة شيعته وأصحابه 324
72 كلامه عليه السلام سماه بعض الشيعة نثر الدرر 326
73 كلامه عليه السلام في وصف المحبة 336
74 كلامه عليه السلام في صفة الايمان 340
75 كلامه في صفة الاسلام 340
76 كلامه عليه السلام صفة الخروج من الايمان 341
77 جوابه عليه السلام في وجوه معائش العباد 342
78 كلامه عليه السلام في وجوه إخراج الأموال وإنفاقها 347
79 رسالته عليه السلام في الغنائم ووجوه الخمس 350
80 احتجاجه عليه السلام على الصوفية لما دخلوا عليه 359
81 كلامه عليه السلام في خلق الانسان وتركيبه 365
82 حكمه عليه السلام ودرر كلامه 367
83 في قصارى كلماته عليه السلام 368
84 ما روى عن أبى إبراهيم الإمام الكاظم عليه السلام 394
85 وصيته عليه السلام لهشام وصفته للعقل 394
86 حكمه عليه السلام ودرر كلامه 414
87 كلامه عليه السلام مع الرشيد 415
88 في قصارى كلماته عليه السلام 419
89 ما روى عن الإمام على بن موسى الرضا عليهما السلام 426
90 جوابه عليه السلام للمأمون في جوامع الشريعة 426
91 كلامه عليه السلام في التوحيد 434
92 كلامه عليه السلام في الاصطفاء 436
93 وصفه عليه السلام الإمامة والإمام ومنزلته 447
94 في قصارى كلماته عليه السلام 453
95 ما روى عن الإمام الناصح الهادي محمد بن على عليهما السلام 462
96 جوابه عليه السلام في محرم قتل صيدا 462
97 جوابه عليه السلام عن مسألة ليحيى بن أكثم 465
98 في قصارى كلماته عليه السلام 466
99 ما روى عن الإمام أبى الحسن على بن محمد عليهما السلام 469
100 رسالته عليه السلام في الرد على أهل الجبر والتفويض 469
101 أجوبته عليه السلام ليحيى بن أكثم عن مسائله 487
102 في قصارى كلماته عليه السلام 492
103 ما روى عن الإمام أبى محمد الحسن بن على العسكري 495
104 كتابه عليه السلام إلى إسحاق بن إسماعيل النيسابوري 495
105 في قصارى كلماته عليه السلام 497
106 مناجاة الله عز وجل لموسى بن عمران عليه السلام 501
107 مناجاة الله عز وجل لعيسى ابن مريم عليهما السلام 507
108 مواعظ المسيح عليه السلام في الإنجيل وغيره 512
109 وصية المفضل بن عمر لجماعة الشيعة 524